2015-10-10 

وجود «الإخوان» مرهون بهذا الشيء!

سليمان جودة

سألت برلمانيًا شهيرًا، كان موقعه في برلمان 2005 في القاهرة، يتيح له أن يتعامل مع الأعضاء الإخوان في البرلمان وقتها، عن السمة الأهم التي بدت أمامه، في أولئك الأعضاء، خاصة أنه كان يتعامل معهم عن قرب، وكل يوم تقريبًا، فلم يأخذ الرجل ثانية واحدة ليفكر في الإجابة، بل قال على الفور: الكذب! لم تفاجئني الإجابة، لأني قبل أن أسأل البرلماني الشهير، كنت أعرف هذا عنهم تمامًا، وكنت أتوقع إجابته كما قالها، وبالحرف الواحد، ولكني كنت أريد أن أستوثق منه، من باب زيادة المعرفة بأخلاق الجماعة الإخوانية بوجه عام، ومن باب ما قيل عن أنك لا تستطيع أن تتعرف على طباع الشخص، أي شخص، إلا إذا تعاملت معه على نحو مباشر، ودون وسيط. ولا أريد أن أحيل أحدًا الآن، إلى أخلاق «الجماعة» في أثناء وجودها في السلطة، طوال عام أسود في مصر، من 30 يونيو (حزيران) 2012 إلى 30 يونيو 2013. ففي ذلك العام، كان ما نطق به محدثي البرلماني، يتأكد لنا، في كل صباح! ولم تتوقف إجابة البرلماني عند هذا الحد، ولكنه أضاف ما يجعلك توقن، أن هؤلاء الإخوان في أشد الحاجة إلى علاج نفسي، قبل أن يكونوا في حاجة إلى شيء آخر! وأضاف أنه لاحظ، لأكثر من مرة، وباستمرار لا يعرف الانقطاع، أن الإخوان، وخصوصًا ممثليهم في برلمان 2005، لا يكذبون فيما بينهم، وأنهم يكونون صادقين تمامًا، إذا كان الحديث بين بعضهم البعض، ولكنهم في لحظة، يمارسون الكذب، دون أدنى إحساس بأي ذنب، إذا ما تعاملوا مع شخص، يعرفون أنه غير إخواني! ثم أضاف الرجل، إضافة ثالثة، بأن قال إنه صمم على أن يفهم الحكاية، وأن يعرف منذ متى يصير الإخواني على هذه الطبيعة البغيضة، فعرف بعد طول ملاحظة وسؤال، وبحث، أن الشخص الإخواني يتعلم هذا كله، بل يشربه، في أول التحاقه عضوًا بالجماعة، وأنه يولد على الفطرة بالطبع، لا يعرف الكذب، ولا يقره، ولا يرضاه، ويشعر بتأنيب الضمير إذا مارسه، شأن أي إنسان عادي، فإذا ما التحق بالجماعة، صار شخصًا آخر، وصار له وجهان: وجه يلقى به زميله في الجماعة، ووجه آخر لا علاقة له بالأول، يلقى به سائر الناس.. فكأن النفاق سمة مصاحبة للكذب لدى كل واحد فيهم! أما وجه الغرابة، الذي يعجز العقل عن استيعابه، أن هؤلاء الذين يمارسون الكذب، ومعه النفاق، يخرجون علينا في كل نهار، منذ نشأت الجماعة على يد كبيرهم حسن البنا، عام 1928، بما قاله الله تعالى، في قرآنه، وبما قاله رسوله الكريم، في أحاديثه الشريفة الصحيحة، ثم لا يجدون أي حرج، في أن يقترن هذا، بالكذب، وبالنفاق، وعلى لسان واحد، وفي اللحظة ذاتها! وربما سوف يفاجأ قارئ هذه السطور، حين أكشف له الآن، عن أن مناسبة هذا الكلام، هي المؤتمر الصحافي الذي انعقد في السعودية، الخميس قبل الماضي، بين سامح شكري، وزير الخارجية المصري، وبين عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، وكيف أنهما قالا في المؤتمر، ما معناه، أن القاهرة والرياض، صوت واحد في التعامل مع العالم، وأنهما على وفاق كبير، في الاشتباك مع مختلف قضايا الإقليم. فالوزيران لم يكونا في حاجة إلى ذلك، ولم يكن الوزير شكري في حاجة قبلها إلى أن يؤكد، مرارًا، أن ما بين السعودية ومصر، لا ينال منه شيء ولا أحد، لأنه أولاً قائم على ثوابت بين البلدين، ولأنه ثانيًا يعود في ثوابته، إلى عمق تاريخي ممتد، منذ أن وضع الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، ثوابت العلاقة بين البلدين، ثم أوصى أبناءه بها، وبمصر، وضرب للأبناء مثلاً حيًا، بأن كان القطر المصري هو القطر العربي الوحيد الذي يزوره في حياته. لم نكن في حاجة، على الجانبين، وعلى مدى شهر وأكثر، إلى أن نظل نلاحق دعايات يبثها الإخوان عن عمد، بقصد الوقيعة بين العاصمتين، وكنا ولا نزال في أشد الحاجة، إلى أن نفهم «طبيعة» الجماعة الإخوانية، وأن نتعامل معها على أساس من هذا الفهم، وأن ندرك أنهم نشأوا على الكذب، وشابوا عليه، وأن يكون عندنا من الوعي، ومن اليقظة، ومن الانتباه، ما يجعلنا قادرين على أن نفرز أكاذيبهم منذ الوهلة الأولى، فلا تنال مما بين البلدين في شيء. فلنحذر الإخوان حتى يبرأوا من داء الكذب، وحتى يدركوا أنهم انكشفوا بما يكفي، وأن عليهم أن يفهموا أن وجودهم الطبيعي في أي بلد عربي، مرهون بأن يقروا عن قناعة، بأن الوطن، لا الجماعة أبدًا، أولاً، وأن وطنية الإنسان في بلده، تعلو إخوانيته، وأن الوطن يتقدم الجماعة في كل الحالات.. كلها.. لا بعضها!

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه