من يذهب إلى فحص العلاقات السعودية - الأردنية يجد تطابق الأجندة يطغى على البلدين الحليفين في كل شيء تقريباً، فهما في خندق واحد يمضيان صوب إرساء الأمن في المنطقة، بالرغم من وعورتها سياسياً، فالرياض ترى أن ل"عمان" دوراً جوهرياً على المستويين السياسي والعسكري الدفاعي فيما يخص خطوط تماس الإقليم، إذ انخرط الأردن في التحالف الدولي ضد "داعش" منذ بداية الحملة، وإعلانه دعم العشائر العراقية السنية في مواجهة "التنظيم" باعتبارها القادرة على تحجيم وطرد العناصر الإرهابية من المناطق التي تتواجد بها في سورية، إضافة إلى اضطلاعها منذ وقت ليس بقصير بتدريب المعارضة السورية المعتدلة، وتحظى عمّان بثقة دولية كبيرة لا سيما من جهة ضبطها الأمن على حدودها الشمالية، والشمالية الشرقية، وحساسية موقعها الجغرافي حيث المناطق أكثر سخونة وخطورة وهي العراق وسورية، حتّمَ على الكونغرس أوائل الشهر الماضي إقرار مشروع قانون بموجبه تتعامل الولايات المتحدة مع الأردن كما دول حلف الأطلسي (الناتو)، من حيث الاستجابة السريعة جداً لطلبات الأسلحة. إذاً نحن بصدد حليف مهم وفاعل يعول عليه إقليمياً ودولياً في استقرار المنطقة التي تعيش استحقاقات أمنية مزمنة، جعلت من الضروري الوقوف بجانبه ومساندته لا سيما مع تصاعد الأزمة في سورية، وما ترافق معها من حركة نزوح بشري نحو الأردن، إذ وحسب آخر الإحصائيات يشكل اللاجئون السوريون ما نسبته 21% من سكان المملكة الأردنية، وقد سبق وأن شهد هذا البلد حركة نزوح مشابه إبان الغزو الأميركي للعراق. يشير البيان الصادر في ختام زيارة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الاردن اتجاه الجانبين نحو تعزيز العلاقة الإستراتيجية بين البلدين اللذين يتشاطران القلق من تداعيات الأزمة السورية والعراقية على حد سواء، بالإضافة إلى التدخلات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ولعل آخرها تلك التي أعلنت عنها عمّان بضبطها عنصراً ينتمي لفيلق القدس الإيراني كان ينوي القيام بأعمال تفجير تمس الأمن الوطني الأردني. وإن كان البيان قد طغى عليه الجانب السياسي إلا أنه لم يغفل الجانب الاقتصادي وتعزيز التعاون الاستثماري بين الرياض وعمّان، التي تحاول تعزيز اقتصادها بشكل كبير، فعلى الرغم من تبعات نزوح اللاجئين والاضطراب الإقليمي، وما ترافق معه من غلاء لبعض السلع وقلة الفرص الوظيفية، إلا أن تقرير البنك الدولي قبل حوالي ثلاثة أشهر أشار إلى أن الاقتصاد الأردني بالرغم مما سبق متماسك ونظامه المصرفي قوي ونسبة التضخم لديه منخفضة. الأردن حلقة مهمة ومحورية في تماسك المنطقة، والمسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة، لكنه يبدي مواجهة متميزة للأزمات، وقدرة نادرة على التكيف معها. من جريدة الرياض