عُقد بالأمس حفل تخرج الدفعة الخامسة للطلاب المبتعثين في المملكة المتحدة برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الامير محمد بن نواف ال سعود. كان حفلاً رائعاً حيث امتلأت القاعة بأعالي الزغاريد السعيدة في زف كوكبة من الخريجين المتميزين بمختلف التخصصات العلمية و مختلف المراحل. و على أنغام إيقاعات جميلة وأناشيد تُعزف بنغم أثناء سير المسيرة بصوت المنشد المبدع ربيع حافظ:"في يوم تخرجي قد نلت شهادتي أعلنت جدارتي يالسعادتي" و"شكرا يا وطني يا دوحة كل الامال أهديك الحب اُسطره من نبض فؤادي يا وطني". حلم ملك عظيم تحقق واصبح واقعا و حقيقة، في استثمار حقيقي للوطن حيث زُف في مرحلة الدكتوراة ٩٨٣ طالب و طالبة و مرحلة الماجستير ١٨١٨ و مرحلة البكالريوس ٥١٨ بمجموع ٣٣١٩ خريج و خريجة. تزامن مع حفل التخرج يوم المهنة حيث حضر ممثلين و وكلاء من القطاع الخاص بعدد٢٠ممثل بما فيها البنوك و حضر أيضاً من القطاع الحكومي ٢٤ممثل و وكيل منها ممثلين الوزارات و المدن الطبية و اخيراً الجامعات حيث حضر ٢٥ممثل و ذلك لإستقطاب الخريجين المبتعثين في ظل تغيب الكثير من الشركات و خصوصاً الجامعات من المنطقة الشرقية باستثناء جامعة الدمام كلية الشريعة، المنطقة التي تعد اكبر المناطق في المملكة و اكثرها اقتصاداً و صناعة و التي من المفترض ان تكون مليئة بالاعمال و الشركات. يعد استقطاب المبتعثين فكرة جميلة للغاية و لكن ما اثار حفيظتي حقاً هو أن أغلب القطاعات تحد من الوظائف على الطلاب لأسباب غير منطقية فمثلا أغلبية الشركات و القطاعات الوظيفية يرفضون توظيف خريجين الدكتوراة و السبب هو انهم over qualified بمعنى ان لديهم مؤهلات تعليمية اكثر من المطلوب، لا أعلم لماذا يحدون من طموح الطلاب فالكثير منهم قد رسمو لهم طريقاً مختلفا و لذلك لا نستطيع ان نقصر على طلاب الدكتوراة مثلاً العمل في المجال الأكاديمي فقط او على طلاب الماجستير او الباكلوريوس في مجال التعليم العام او الشركات العامة ايضا، غير الأسباب الاخرى لعدم التوظيف في المجال الأكاديمي و هو اختلاف التخصص سواء في مرحلة البكالريوس عن الماجستير او الدكتوراة او الاكتفاء من بعض التخصصات الاخرى ناهيك عن رفضهم الأخر ايضا بسبب ندرة التخصص حتى لو كان هذا التخصص من اهم التخصصات عالمياً كأبحاث السرطان او غيرها. أما ما استدعاني للتعجب فعلا هو أنني كنت اتحدث مع ممثلة بنك من البنوك و اسألها عن توظيف مرحلة الدكتوراة في حين انني لا ارغب كثيرا بالعمل بمجال البنوك و لكن كنت أتفقد الوظائف فقط لأرى الفرص المتاحة بشكل عام "فقالت ممثلة البنك بأن لا يوجد لدينا وظائف إدارية بتاتاً بالبنوك فأجبتها بأن ذلك شئ غريب والسبب إن اغلب البنوك يحتاجون لموظفين بالإدارة العليا في الإشراف على إدارة المشاريع البنكية الكبيرة فقالت لي اذاً هل لديكِ خبرة فأجبت بلا و أجابت هنا المشكلة لا نستطيع توظيفكم بدون خبرة". بدأ عدم التوظيف بالاعتراض على الدرجة العلمية أولاً و من ثم التخصص و اخرها هو الخبرة، حقاً لا أعلم من أين للطلاب الخبرة و هم طلاب و هم حاضرين للطلاب و ليس للموظفين سابقين! سؤالي الان متى سنجني الاستثمار الحقيقي لهؤلاء الطلاب و الى متى سيبقى السؤال المبتعثين الى اين؟! *باحثة دكتوارة بالمملكة المتحدة