رويترز- يقول باحث عماني إن قصائد الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش تشهد حضورا نقديا ضمنيا ويحاول من خلال دراسة هذه الظاهرة في عدد من قصائد درويش الوصول إلى عدد من الخصائص التي تميز شعر درويش عن غيره وذلك في كتاب يضاف إلى المكتبة العربية يستفيد منه دارسي شعر درويش. ويحاول الباحث جاسم جميل الطارشي في كتابه المعنون "المنزع النقدي في شعر محمود درويش" والصادر عن بيت الغشام للنشر والترجمة بسلطنة عمان والواقع في 136 صفحة متوسطة القطع الكشف عن كيفية ولادة القصيدة وقضايا تجديد ماهية الشعر ووظيفة الشاعر بالإضافة إلى "المنزع النقدي" ووظائف الشعر في شعر درويش. ولد درويش في 13 مارس عام 1941 في قرية البروة قضاء عكا. ومرت قبل ايام ذكرى وفاته إذ توفي في التاسع من اغسطس 2008 اثر مضاعفات لعملية جراحية في القلب أجريت له في هيوستن بالولايات المتحدة. وترجمت اعمال درويش إلى ما يقرب من 22 لغة وحصل على العديد من الجوائز العالمية. ويخلص الباحث إلى أن القصيدة تولد من أزمتين الأولى "نفسيه" يمر بها الشاعر لحظة ولادة قصيدته أما الثانية "نصية" يعاني فيها الشاعر لتطويع اللغة لتتماشى مع حاجات التعبير عن القصيدة. وعن المنزع النقدي ومعناه وسبب اختيار عنوان الكتاب قال الطارشي في مقابلة أجرتها معه رويترز بالبريد الإلكتروني "الوعي النقدي والمنزع النقدي والخطاب الواصف في الشعر كلها مصطلحات تدل على مفهوم واحد يتمثل في حضور النقد في القصيدة الشعرية حضورا ضمنيا لا منهجيا. "وقد وقع اختياري على عنوان 'المنزع النقدي' للحضور المتعاظم للظاهرة في شعر درويش" مشيرا إلى وجود "وعي حاد" بهذه الظاهر. وهو ما "يشير إلى نزعة نقدية بارزة في شعره." وشدد على وجود هذه الظاهرة في الشعر العربي قديمه وحديثه فقال إن "هذه الظاهرة قديمة قدم الشعر ذاته وقد حضرت في تجارب الشعر العربي القديم والحديث معا ولا أظن أنها ستخبو طالما هناك شعر أصيل يكتب." وعن تعريف الشعر يستشهد الطارشي بتعريف درويش للشعر حيث يقول "فالشعر سر والسر هو ما يجعل الشعر مستمرا. وليس هناك من اكتشاف شعري نهائي وكل كتابة هي محاولة إجراء تعديل على مفهوم عام للشعر. ولكن كل كتابة جديدة تملك إضافات ... عبارة عن إعادة التعريف بالشعر." ويقسم الكاتب وظائف الشاعر التي اضطلع بها درويش من خلال نصوصه الشعرية إلى "ايديولوجية" وهي التي يصبح فيها الكاتب صوت الجماعة ولسانها الناطق باسمها و"فنية وإنسانية" والتي يقوم من خلالها درويش "بدوره الجوهري في مقاومة تحجر الشعر وموته وذلك بتجديد آفاقه وكشوفاته اللغوية." ويرى الطارشي أن الوظيفتين تحملان في حقيقتهما "بعدا ثوريا". ويخلص إلى أن وظيفة الشاعر كما صورها درويش تحولت "من شعر القضية إلى قضية الشعر." وثمة وظيفة ثالثة أطلق عليها الكاتب "الوظيفة الجديدة للشاعر" التي يقول عنها إن في هذه الوظيفة أصبح الشعر هو القضية الأولى للشاعر في حين أصبح "الحديث عن تفاصيل حياته الصغيرة همه الأول." وتحت عنوان "المنزع النقدي وهيمنة الوظيفة الواحدة" يقسم الطارشي نصوص درويش إلى نوع انشغل فيه "بإبراز وظيفته الإخبارية" حيث "اعتنى الشاعر بإبراز مضمون رسالته النصية". أما الثاني "آثر فيه الشاعر إبراز الوظيفة الجمالية" واعتنى درويش في هذا النوع "بجمالية لغته الشعرية." وثمة نوع ثالث يمزج فيه درويش بين الوظيفتين. وينتهي الكاتب من تحليله لهذا النوع إلى أن الوظيفة الإخبارية تغلبت على الجمالية عند "حديث الشاعر عن وظيفته القديمة" مرجعا السبب في ذلك إلى "انشغال الشاعر بإبراز أهداف قضيته وإيصال رسالتها بشكل من البساطة والوضوح." ويرى الطارشي أن الثانية تغلبت على الأولى في "النصوص التي تعرض فيها الشاعر لطبيعة الإبداع الشعري وماهيته." كما يقول الطارشي إن تفاعل الوظيفتين برز في "النصوص التي تعرض فيها الشاعر الحديث عن تبدل وظيفته وصراعه مع الوظيفة القديمة.