رغم مطالبة رئيس فنزويلا ووزير النفط الجزائري بعقد مؤتمر طارئ لمنظمة «اوبك» يستبعد ان تستجيب دول الخليج وأهمها السعودية، المنتج الأكبر للنفط في المنظمة، لهذا الطلب. والسبب ان «اوبك» كما يقول وزير النفط القطري السابق عبد الله حمد العطية الذي عايش المنظمة لعقود وترأسها مرات عدة لم تعد تستطيع لعب دور المنتج المزود swing producer لأن انتاجها يمثل ٣١ مليون برميل في اليوم من انتاج عالمي بلغ اكثر من ٩٦ مليون برميل. ويرى العطية انه لو قرر الأعضاء في «اوبك» تخفيض الإنتاج سيأخذ حصتهم منتجون آخرون. وتوقع ان تدوم هذه الدورة من انخفاض اسعار النفط. وصل سعر برميل نفط البرنت الى اقل من ٥٠ دولاراً بعدما كان في الصيف الماضي في حدود مئة دولار. ورغم هذا الانخفاض بقي انتاج دول «اوبك» مرتفعاً وخصوصاً من السعودية والعراق. ولكن الإنتاج النفطي الأميركي الذي سجل ارتفاعاً كبيراً منذ منتصف السنة الماضية وبلغ اكثر من ١١ مليون برميل في اليوم بدأ ينخفض. وفورة النفط الحجري في اميركا دفعت شركات صغيرة عديدة لإنتاج هذا النوع من النفط، خصوصاً بعد أن بلغ معدل السعر اكثر من ٨٠ أو٩٠ دولاراً. والآن وقد وصل سعر برميل النفط في اميركا الى حوالى ٤٣ دولاراً بدأت بعض الشركات الصغرى توقف اعمال الحفر ويشهد هذا القطاع افلاسات نتيجة ذلك. ولكن هذا لا يعني ان صناعة النفط في اميركا انهارت. فالشركات الكبرى تمكنت من التكيف مع السعر الجديد وإعادة النظر في استثماراتها وبعضها رأى فرصة لابتلاع الشركات الصغرى التي دخلت القطاع عندما كانت اسعار النفط مرتفعة. فاستطاعت اميركا زيادة انتاجها بنصف مليون برميل في اليوم منذ تشرين الأول (اكتوبر) الماضي وستستمر زيادة المعروض من النفط في ٢٠١٦ وفق توقعات وكالة الطاقة الدولية، رغم ان انخفاض الأسعار يرفع الطلب على النفط بأسرع مما كان في السنوات الخمس الماضية وفق وكالة الطاقة الدولية. ان الدورة الحالية لأسعار النفط المنخفضة ينبغي ان تكون مناسبة للدول لإعادة النظر في ترشيد إنفاقها. فمن الأفضل لدول مثل فنزويلا او الجزائر اللتين تطالبان بمؤتمر طارئ لـ «اوبك» ان تعيدا النظر في ما قدماه لشعبيهما عندما كانت اسعار النفط مرتفعة ووصلت الى اكثر من مئة دولار للبرميل. ان فنزويلا شافيز ثم مادورو هدرت الثروة وتركت صناعتها البترولية تتدهور وباتت تعطي الشعب وعوداً لم ير منها الا البؤس الاجتماعي والبطالة والاإجرام والغياب التام للأمن. والجزائر لم تفعل افضل بكثير سوى ان الرئيس الجزائري وزع على بعض المدن اموالاً لتخدير الشعب. اما الدول الأخرى في «اوبك» مثل العراق التي استطاعت الآن رفع انتاجها فينبغي ان تكافح الفساد المتفشي، ويحاول وزير النفط العراقي قدر الإمكان مكافحة الفساد قبل تسلمه الوزارة وهو يدرك التحديات. وأغلب الظن ان سعر النفط سيبقى منخفضاً ولكن من الصعب التكهن الى اين سيصل ما جعل احد مواطني دولة نفطية يحذر من ان يصبح سعر برميل النفط اقل من سعر زجاجة الكولا. من الصعب الاعتقاد ان السعودية ستغير استراتيجيتها النفطية وهي الدفاع عن حصتها في السوق العالمية على ضوء زيادات انتاج اميركا وروسيا، خصوصاً ان روسيا لم تلتزم يوما تخفيضات الإنتاج التي وعدت بها، ولا يمكن للسعودية ان تخفض انتاجها من اجل دول ستأخذ حصتها فيما يبقى السعر منخفضاً. ففي التسعينات انخفض سعر النفط وانخفض انتاج السعودية الى ٣ ملايين برميل في اليوم وكان ذلك سلبيًا على كل استثمارات المملكة ودور المملكة. ومن المستبعد هذه المرة ان تضحي السعودية بحصتها الإنتاجية لأن ذلك لن يكون مجدياً لمصالحها لا داخلياً ولا عالمياً.