المتخرّج الجديد، أو الباحث عن عمل مناسب يبدأ تعبهُ الجسدي، بعد أن أنهى تعبهُ العقلى. هذا النوع من التعب هو الدوران والكد اليومي في دهاليز الوظائف، وطلب الواسطة ممن يعرف وممن لا يعرف. دعونا إذاً نُطلق عليه " المُتحرّج " . أبدلنا الخاء ب.. حاء . إلا من كان ذا حظ عظيم من أبناء الوطن. وسبحان مُقسّم الأرزاق. طالب مجموعة من الناس في بريطانيا بتأسيس جمعية أو نقابة للعاطلين. ترعى شؤونهم وتدرس أحوالهم وتكون بمثابة "جماعة ضغط" أو "لوبي" يهابه أرباب العمل وتتنافس على رضاه الدوائر الرسمية. وأقول مثل مالدينا جمعيات للفن والرياضة والصحافة يجب أن ندرس تجربة البريطانيين..!! الشاب المتخرج، من متوسطي الدخل ومستوري الحال لا يعرف هل يتوجب عليه التفكير بالصرف على من بقي من أسرته على قيد الحياة كالوالدين، أو من يتوجب عليه النظر في أحوالهم كالإخوان والأخوات القاصرين، أم أن عليه أن يفكر في توفير المبالغ اللازمة للزواج وما يتبعه من بذخ؟. هذا الكلام يسري في حال توافرت وظيفة للخريج أي قبل عقدين أو ثلاثة من الزمان. أما الآن فالموضوع أسخن أو أقسى حرارة على الملامس ما لم يحظ الموضوع بكثير من الاهتمام الجدي. ولا بأس من تباين الآراء حول الخطورة في بقاء الشباب بلا زواج، ناهيك عن بقائهم بدون وظائف. لكنني - لو سُئلت - لقلت إن من تخرّج في الجامعة رأى في نفسه اعتداداً بالنفس جعله يأبى قبول وظيفة لا تُشعره بالرضا. والسبب في هذا كله هو من حقن مواد وبرامج تعليمية لا تفي بحاجة اقتصادية للوطن. ومهما فعلنا أو بحثنا عن حلول فلا مفرّ من القول بأن بقاء الخريجين دون عمل سيزداد سنة عن أخرى، حتى لو حاولنا تجاهل هذه الظاهرة الخطيرة. والبطالة خصم شرس لا يمكن مواجهته بالهواجس والوساوس فقط أو بيانات مديري شرط أمهات المدن. مداواة الجرح لا تكون بالتناسي بل بالبحث عمن يداويه. صحيفة الرياض