2015-10-10 

التعليم.. واستحقاقات لا تقبل التسويف

أيمن الحماد

غني عن التعريف بأن التعليم هو معيار تقدم الشعوب وتأخرها، إذ إن من المحال أن يتلازم مجتمع متقدم ومتحضر مع تخلّف في تعليمه أو تقهقر، لأن مُسلّمة التقدم والازدهار والنمو مرتبطة بالتعليم ومخرجاته، التي بقدر ما كانت في مستوى من الكفاءة والجودة بقدر ما انعكس ذلك كفاءة وطنية عالية قادرة على مواكبة التغيير والتجديد والتطوير.. والعكس صحيح. التعليم ركن أساسي في بناء الأوطان، وكل من نهضوا بأممهم من القادة لطالما تحدثوا بحماس عن التعليم بصفته العامل الرئيسي في نهضة بلدانهم. والأهم من ذلك وجود الرؤية لما نريده من التعليم، وما نترقبه من منتج قد يتطلب الإعداد له ستة عشر عاماً أقل بقليل أو أكثر، فهل تم التحضير جيداً لهذا المنتج لكي نتلقاه كما نريد ولا نصدم في نهاية تلك السنين أننا أمام شخص هو في واقع الأمر يحتاج لإعادة تأهيل في بعض مهاراته الأساسية فيصبح عبئاً وعالةً بعد أن كنا نتطلع أن يصبح مشاركاً في نهضة بلاده وتقدّمها. إن الإعداد للمسار التعليمي منذ مرحلة ما قبل التعليم الأساسي إلى نهايته يتطلب خطة واستراتيجية ومهارة ودقة في التنفيذ والأداء، فلا مجال هنا للتهاون ولا التكاسل أو المزايدات، فنحن بصدد صناعة جيل وأمة. اليوم سيتجه أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة بما فيهم طلبة الجامعات وأكثر من خمس مئة ألف معلم ومعلمة وعضو هيئة تدريس إلى المدارس والجامعات، وما أضخم هذا الرقم، وما أصعب التعامل مع كل ما يمسه ويتعاطاه.. يفرض علينا هذا الرقم العملاق تحديات كبيرة، فكل قطاع من قطاعات التعليم بحاجة إلى ورشة عمل ضخمة، وعاملين مهرة، وتفانٍ وإدراك لخطورة المهمة وحساسيتها، فشؤون المعلمين والمعلمات وأعضاء هيئة التدريس من جهة، وشؤون الطلاب من جهة أخرى، والمناهج موضوع مهم ودقيق، والمباني المدرسية والجامعات ومشروعاتها أمر حيوي، وكل هذه القطاعات يجب أن تتحرك بشكل سلس ومتزامن شأنها شأن تروس الساعة فأي خلل قد يربك البقية ويعطي نتيجة خاطئة. التعليم قطاع ضخم يلتهم من الميزانية السنوية للمملكة حوالي 200 مليار ريال، وهذا يجعلنا أمام حتمية تملي علينا الانتقال في إدارة هذا القطاع من البيروقراطية المملة والمكلفة إلى قطاع أكثر حيوية وفعالية، وهذا يتطلب وضوحاً وصفاءً ذهنياً وخطة عمل واضحة لما نريد تحقيقه. لا شك أن وزارة التعليم لدينا مثقلة بالكثير من الأعباء، والمشاكل المتراكمة، والمعقدة، والمزمنة، ولكن ذلك لا يعني ألا نبدأ في حلحلة الأمور، وأن نكتفي بالمسكّنات والحلول العابرة، بل يجب أن نخلق مسار عمل لكل قطاع، ووضع تقييم سنوي لكل ما ينجز، ومحاسبة المقصرين، وإشراك الجهات الخاصة من شركات محترفة بفعالية للبحث عن حلول وإدارة لتلك القطاعات ومشروعاتها مما يمكن أن يسهم في جعل هذه الوزارة العملاقة أكثر رشاقة ومرونة. صحيفة الرياض

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه