المعروف أن صناعة السلاح والتجارة فيها لا تعتمد على الكم فقط، وإنما الأكثر أهمية هو التطوير النوعي للسلاح، وتسابق الدول المنتجة له لتحسين أداء هذه الأسلحة وفق التكنولوجيا الحديثة. فالتصويب والدقة، وقوة التدمير، وسهولة الاستخدام والتخزين وتوافر قطع الغيار والصيانة وغيرها هي عناصر أساسية لأي سلاح يوصف بأنه نوعي ومدمر سواء كان ذلك هجومياً أو دفاعياً. لهذا فالنوعية هدف أصبح اليوم رغبة عارمة للدول التي تشتري وتبيع السلاح. إسرائيل من الدول المنتجة للسلاح، وكذلك تشتري السلاح المطور من أميركا حليفها الأول الذي يهمها أمن إسرائيل وتعزيز قوتها. فعلى مدى سنوات طويلة حصلت إسرائيل على أسلحة أميركية متطورة لا أحد يعرف على وجه الدقة كمياتها وأنواعها، ومع ذلك تشتكي إسرائيل، وتوجه النقد لأميركا عندما تريد تزويد دول الخليج بالسلاح النوعي، وتعتبر إسرائيل ذلك تهديداً لأمنها تماماً كمعارضتها للاتفاق الأميركي-الإيراني على ملف طهران النووي. والسؤال كيف يتهدد الأمن الإسرائيلي أمام ما لديها من ترسانة أسلحة وعلى رأسها السلاح النووى؟ ولماذا تتخوف إسرائيل بينما يصرح الرئيس الأميركي ونائبه بأن سياسة أميركا هي حماية إسرائيل، وأن الموقف الأميركي من الاتفاق على الملف النووي الإيراني سيمنح إسرائيل مظلة أمنية في حال تم التوصل لاتفاق نهائي مع إيران حول برنامجها؟ إن الإفراط الإسرائيلي في الحديث عن أمنها يجعلها لا تبالي بأمن الدول الأخرى، ولا تقيم وزناً لعدوانها وجرائمها في المناطق العربية المحتلة. ففي الوقت الذي تشيد إسرائيل بموقف الدول الخليجية ضد النشاط النووي الإيراني لا تتردد وبكل بجاحة في معارضتها لشراء الدول الخليجية السلاح من أميركا أو من حلفائها، وكأن شراء السلاح مقصور على أميركا أو حلفائها، وليست هنالك دول آخرى مستعدة لبيع السلاح النوعي. إن الدول الخليجية مطالبة بتنويع مصادر شراء السلاح النوعي، خاصة وأنها تواجه متغيرات جيوسياسية ولوجستية تفرض سرعة حصولها على مختلف أنواع الأسلحة التي تستطيع بها حماية شعوبها من أي عدوان خارجي.فما يحيط بها من أزمات دولية تحتم صيانة أمنها من مصادر الأخطار الكثيرة والتي،كما يبدو، من المشهد السياسي سيطول أمد هذه الأزمات وتداعياتها. دول كثيرة متقدمة مثل روسيا والصين تشكلان جبهة قوية ولديهما الاستعداد لتزويد دول الخليج بالسلاح النوعي، وبالتالي لا ينبغي أن يظلا خارج الاتفاق معها. لا شك في أن تنوع مصادر التسليح الخليجى له أهمية بالغة في خلق توازن استراتيجي على مستوى الشراء والعلاقات وتبادل المصالح المشتركة بين مجلس التعاون والدول الآخرى، خصوصا وأن شراء السلاح يوطد العلاقات، وينمي المواقف السياسية تجاه القضايا المشتركة. كما إن اختلاف مصادر التسليح يمنع احتكار بيع السلاح على طرف واحد قد يتحكم في شروطه ومطالبه، وربما هيمنته أو تدخله في الشؤون الداخلية التي قد لا تجد الدولة السبيل للخروج منها الا برضوخها للهيمنة والقوى الضاغطة على سياساتها وإرادتها.