المتفحص لبيان اجتماع كامب ديفيد الخليجي - الأميركي الذي عُقد يونيو الماضي يجد أن الفقرة التي تناولت الوضع في اليمن اُستهلت بتشديدها على ضرورة بذل الجهود الجماعية لمواجهة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وهذا من شأنه إعطاؤنا دلالة واضحة على الأولوية التي توليها واشنطن والعواصم الخليجية لملف مكافحة الإرهاب في اليمن، إذ إن الواقع يقول إن الولايات المتحدة ودول التعاون استطاعوا تحجيم نفوذ تنظيم "القاعدة".. ولم يعق انطلاق عاصفة الحزم، ومن بعدها إعادة الأمل، استمرار عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن، وإلحاق الضرر به، وإضعافه، حيث تم استهداف زعيم تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية ناصر الوحيشي الذي تمت تصفيته يونيو الماضي من خلال طائرة دون طيار في المكلا. ولطالما حققت القوى الدولية - وتحديداً دول الخليج والولايات المتحدة - إنجازات كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب في اليمن تحديداً، ويعد التنظيم هناك خطراً بسبب صلاته المباشرة والتنسيقية مع "القاعدة" في شمال أفريقيا.. لذا فإن تلك القوى من الصعب جداً أن تتراجع في مكافحتها للجماعات الإرهابية على الأراضي اليمنية، وخسارة المنجز الذي تحقق على مدى سنوات من التقصّي والبحث وتبادل المعلومات. وكان اصطياد الوحيشي خلال الشهرين الماضيين دلالة على عزم دول الخليج وواشنطن الحفاظ على خط المكافحة، وعدم استغلال هذا التنظيم الإرهابي للفوضى التي صنعها الانقلابيون الحوثيون في اليمن، إذ إن "القاعدة" تزدهر وقت القلاقل ودخلت اليوم على خط المواجهة من أجل تنفيذ أجندتها كورقة يستخدمها الانقلابيون الذين يشعرون أن الخناق قد ضاق عليهم، لذا رأينا التنظيم الإرهابي الذي ينشط في حضرموت قد بدأ في مناوشة القوات الشرعية والمقاومة الشعبية.. ومن الضروري أن نعلم بأن "القاعدة" قد اُستخدمت من قبل الرئيس المخلوع علي صالح من أجل كسب الدعم المادي الدولي لا سيما الأميركي، إذ يشير سيناريو الهروب الكبير لثلاثة وعشرين سجيناً من بينهم الوحيشي من سجن الأمن السياسي في 2006 - الذي جاء بعد أسبوع من إيقاف الدعم عن حكومة صالح باعتبار اليمن لم يعد يمثل تهديداً للأمن القومي الأميركي - يشير لاحتمالية تعاون الطرفين مع بعضهما.. وكان مخبر سابق للقاعدة في اليمن ويدعى هاني مجاهد قد أفصح في يونيو الماضي لوسائل الإعلام بأن صالح كان يدعم فرع "القاعدة" في بلاده ويوجهه، وأنه كان يمارس ما سمّاه "لعبة مزدوجة".. وجدير هنا بأن نذكّر بأن الحوثيين وعلي صالح قد أطلقوا سجناء للقاعدة (أبريل الماضي) من سجن المكلا، كخطوة لاستخدامهم وخلط أوراق المشهد اليمني، وبالمناسبة فإن خطة إخراج سجناء القاعدة سبق أن قام بها نوري المالكي من قبل وبشار الأسد كذلك. إذاً دخول "القاعدة" في اليمن على خط المواجهات ينتظر أن يستحث واشنطن والدول الخليجية من جديد لتكثيف حملتها ضد عناصر هذا التنظيم الإرهابي، وضمان عدم عودة نشاطاته أو سيطرته على أي منطقة في اليمن، لاسيما تلك التي تم تحريرها من الانقلابيين، كما أن ضعف القبول للقاعدة التي تسمى هناك بأنصار الشريعة في حضرموت حيث نفوذها سيواجه بمقاومة شعبية رافضة لهذا التنظيم، وربما أن الفرصة مواتية لدحره.