يكاد يكون هذا التعبير معروفا لدى عامة أهل نجد. ومنطوقه كون العائل يكدّ ويصرف، لكن على مُتلقين ليس بمقدورهم إلا الاستلام أو الاستقبال أو، قل، الأكل فقط. أما المغزى فيعني أن الرجل ظل يصرف مصاريف على مشروع أو عين عقاري لا مردود منه. قال بعض المتندرين إن النفط، في بلدان النفط، يكدّ على عميان، بما معناه أن غالبية أهله غير مؤهلين علميا واستثماريا، فهم متلقون فقط. وليتهُ (أي النفط) يكدّ علينا، مثل ما قيل، فقط، بل أخضعنا لحدة المضاربات، وتراجع النمو الاقتصادي العالمي، المضاربات تبرد ثم تغلي مع تراجع التهديد بشن حرب على هذا البلد أو ذاك، أو وصول الحل الفلاني إلى طريق مسدود نتج عنه وضع من الركود في أسعار البيع والعرض – ونحن؛ قصدي دول النفط فاتحي الأفواه لا ندري بما يدور. ولا أتفق مع المثل (العنوان) فأعرف عميانا في بلداننا تحملوا عيشة أهلهم وأولادهم بما حباهم الله من نعمة البصيرة. فأعرف رجلا من أهلنا في عنيزة كان اسمه يرحمه الله محمد الحمادي، وكان محل إعجاب من حوله في تحسينه ما يقع تحت يده من معدات. وطوّر وسيلة نقل (عربة) كان يقودها عبر شوارع البلد الضيقة والمتعرجة ليذهب إلى مصدر الماء، ويقوم بتعبئة قربة أو اثنتين ويحمّلهما في العربة، التي كان يقودها بنفسه، ويوصّلهما إلى منزله. وكانت تلك العربة تندفع بواسطة الأرجل، وتُوجه يمينا ويسارا بواسطة ذراع يدوية، وفي العربة من التفاصيل ووزن العجلات ما لا يجيده معظم المبصرين. وفي آخر عمر ذاك الرجل برع في إصلاح أجهزة الراديو القديمة. فكان يعرف العطب بالتحسّس ويقوم بإصلاحه، أو التوصية بقطعة غيار معينة. أوصي بتسمية مشروع مهني أو مركز باسم ذلك الرجل، لأنه يستحق التقدير رحمه الله. ضرير آخر كان يدير محلا للأقمشة، وقد صف البضاعة بنظام، ويعرف الطلب ويُقدم القماش للزبون بين ألوان كثيرة ومختلفة – لدرجة أن بعض النساء تطلب منه (أربع أذرعة) من القماش الذي اشترت منه عائلة أخرى. صحيفة الرياض