لا تزال الضربة التي شنتها قوات مصر الجوية لمواقع تنظيم الدولة الإسلامية بالأراضي الليبية،منذ اسبوع، محل حديث بين المراقبين للشأن المصري في الداخل والخارج. في الخارج تتناول التحليلات شأن التمدد المخيف للتنظيم المتطرف، وقوته الميدانية، وقدرة دولة كمصر على تشكيل حلفا دوليا يستطيع أن يوقف تمدده غرب حدودها، الأمر الذي يقول خبراء أنها فشلت فيه حتى الآن. أما في الداخل فهناك بعد آخر، أبعد من الوضع العسكري للضربة وتبعاتها، وهو تأثيرها على الشأن الداخلي، إذ قدمت دويتش فيله تقريرا يضم آراء نشطاء وخبراء، رأى بعضهم أن الهدف من الضربة هو التعمية على الفشل الداخلي لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي علق عليه الملايين الأمل في إصلاح أحوال البلاد المضطربة منذ أكثر من أربعة سنوات. بعدما بث تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي المعروف باسم "داعش" الأحد الماضي (15 فبراير/ شباط) شريط فيديو يظهر فيه إعدامه لـ 21 قبطيا مصريا ذبحا، في مدينة سرت الليبية، خرج الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساء نفس اليوم ليعلن في رسالة متلفزة أن "مصر تحتفظ بحق الرد وبالأسلوب والتوقيت المناسب للقصاص، من هؤلاء القتلة المجرمين ..." وعليه وجه الجيش المصري فجر الاثنين ضربة جوية لمدينة "درنة" الليبية، استهدفت معسكرات ومناطق تمركز وتدريب تنظيم "داعش" بالأراضي الليبية، حسبما جاء في بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، تنفيذا لقرارات مجلس الدفاع الوطني المصري." فتنقل دويتش فيلا عن المهندس أحمد علي قوله إنه كان رد الفعل كان جيدا. لو لم تنفذ هذه الضربات لكان غضب الناس سيتصاعد خاصة أن قبلها حدثت العديد من أحداث قتل فيها مصريون بالداخل دون محاسبة لأحد. في المقابل أعتبر مخرج الأفلام الوثائقية إسلام أمين أن هذه الخطوات تهدف للتأثير على الداخل المصري، حيث لا توجد إنجازات داخلية حقيقية، وتابع "في الوقت نفسه يسعى السيسي لتدمير أي قوى سياسية بديلة في مصر، عن طريق شيطنة وتخوين شباب الثورة والأحزاب والقوى المدنية، من خلال الإعلام المؤيد له وفي المقابل يبرز البديل المتطرف مثل الجماعات الإرهابية. من ناحية أخرى كشف استطلاع للرأي، أجراه مركز بحوث الرأي العام "بصيرة" أن نسبة 85 في المائة من المصريين يؤيدون الضربات الجوية على معاقل داعش في ليبيا، وترتفع نسبة الشباب لتصل إلى 82 في المائة، ولم يرفض منهم هذه الضربات إلا ثمانية في المائة فقط. وقد تمّ إجراء هذا الاستطلاع يوم الاثنين 16 فبراير/ شباط أي بعيد ساعات من الضربات الجوية، حسبما يؤكد المركز. كما تؤيد نسبة 76 في المائة من المصريين القيام بضربات جديدة، ويرفضها في المقابل 11 بالمائة ممن استطلعت آراؤهم. من جانبه يذكر المحلل السياسي محمد منيب أن الضربة كانت لهدفين: "أولهما حتى لا يفكر هؤلاء المجرمون مرة أخرى في تكرار هذه الخطوة، لأن هذه الدولة سترد بشكل يتناسب مع ما تراه يهدد أمنها القومي، أما الآخر-وهو الأخطر في التحليل السياسي- فهو أن تدخلَ الدولة المصرية خط المواجهة الرئيسية للإرهاب المنظم خصوصا ضد تنظيم الدولة." كما يشير المحلل السياسي إلى أن مصر كانت تعلن تأييدها بشكل معنوي لضربات التحالف الدولي لهذا التنظيم في سوريا والعراق، لكن الأمر يختلف عندما نتحدث عن حدود مصر الغربية. أمَّا هاني دانيال، الباحث بالمركز العربي للبحوث والدارسات،قال إنه "كانت هناك مطالب من المصريين بوجود رد مشابه لما قام به الأردن بعد الحادث البشع لإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وقد شعر النظام أنه قد يخسر الثقة بينه وبين الشارع إذا لم يفعل ذلك." كما يؤكد دانيال أن هذا ليس أول حادث يقع للأقباط في ليبيا خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث سبق أن قُتِلت أسرة مصرية، على يد جماعة "أنصار الشريعة" أواخر عام 2014، لهذا لم يكن كافيا القبول بالجهود الدبلوماسية فقط، حسبما يؤكد المحلل السياسي. ويشير دانيال إلى وجود مزايا داخلية لهذه الضربات ويوضح: "يؤدي ذلك الوضع لصناعة مناخ مؤيد للنظام من لا شيء، خاصة أن دعاة حقوق الإنسان والديمقراطية اختفت أصواتهم، ولا يكون هناك مجال للحديث عن حرية رأي أو تظاهر سلمي، حيث يتم إعلاء (شعار) الأمن القومي فقط، حيث انتشرت مثلا قوات الجيش في المحافظات المصرية بعد الضربات"، حسب ما ذكر الباحث بالمركز العربي للبحوث والدارسات.