أف ب - يقول المصور في وكالة فرانس برس محمد عبدي وهاب "عندما ارى داود الصغير وعلى وجهه ابتسامة، يتكىء على عكازين ليركل كرة القدم، اقول لنفسي انه لا بد من الاستمرار في الادلاء بشهادتي والتمسك بالامل في الصومال". فهذا الصبي (9 سنوات) الذي تسبب له شلل الاطفال باعاقة قاسية، قد خلدته واحدة من صور وهاب في معرض "الصومال المسحوقة" في بربينيان (جنوب فرنسا)، في اطار "فيزا 27 للصورة"، وهو مهرجان دولي كبير للصور الصحافية. ولم يغب داود عن ذهن هذا المصور الذي يبلغ الثامنة والعشرين من العمر، وتعلم المهنة بنفسه، حتى اصبح منذ 2011 مراسلا كبيرا للوكالة في الصومال. وقال وهاب "كان الصبي يلعب بالكرة امام كوخه" المتواضع من القش والصفيح، في معسكر سيد للاجئين في مقديشو. وعشية مباريات كأس العالم في كرة القدم في 2014، "سألني: هل تأتي وتلعب معي؟". وبتأثر اوضح المصور "كان ينضح بالحيوية والنشاط ويامل في المستقبل، ولا يبالي باعاقته الجسدية". ولم تعد الصومال التي مزقتها حرب طويلة اندلعت في 1991 بعد اطاحة الديكتاتور سياد بري، تستأثر باهتمام الصحافيين "لتغطية" ما يحدث فيها، رغم الهجمات الدامية شبه اليومية، باستثناء وهاب وغيره. وقال المصور "هذا خيار كل الاوقات، لان التقاط الصور يمكن ان يشكل خطرا، اذا لم يعجب ذلك" اطراف النزاع. وتدور الحرب بين الحكومة المدعومة من الغرب وقوة مسلحة من الاتحاد الافريقي، وبين حركة الشباب الاسلامية. والحياة اليومية في الصومال، تعني البؤس والفوضى والهجمات. ففي صورة التقطتها كاميرا وهاب، تبدو احدى الامهات وهي تعبر الشارع وتلتفت ناحية سيارة اندلعت فيها النيران في حين تمسك بابنتها التي ارتسم الخوف والرعب على وجهها. وفي صورة اخرى، يتحدث رجل مع مجموعة من الاشخاص، ويدل بيده الممدودة الى انفجار عنيف آخر. ويظهر في صورة اخرى مهجرون جمعوا في ظل شجرة تحت اشعة الشمس، امتعتهم بعد تدمير مكان اقامتهم المرتجل. لكن الصور التي يفضلها وهاب هي تلك التي تعكس مظاهر الفرح رغم بشاعة الموت: كصورة فتيين يحمل كل منهما على رأسه سمكتين كبيرتين. وتلتمع عيونهما بمشاعر الرضى والارتياح، وتعكس ابتساماتهما شعورا بالفخر والزهو. والطفل الذي شهد ويلات الحرب، كان يحلم. وقال "دائما ما اردت ان اصبح مصورا. آنذاك اعطاني صديق كان جاري الة تصوير قديمة. كنت في الخامسة عشرة من عمري". واضاف "لم يعلموني شيئا. تعلمت بالممارسة ومن تلقاء نفسي"، معربا عن اسفه لانه "لم يلازم المدرسة فترة طويلة بسبب الحرب". وقال "لكني بدأت اصور ما اراه. وكان صديقي يقول لي +هذه جيدة+ و+هذه لا+. حتى قال لي مدهوشا في احد الايام بعدما رأى احدى صوري: هكذا كنت سألتقطها". عندئذ بدأت مهنته كان في السادسة عشرة من عمره. وقال عبدي وهاب الذي خرج للمرة الاولى من بلاده للمجيء الى بربينيان ان "اهلي ما زالوا غير موافقين. يستبد بهم الخوف ويرتجفون من الرعب في كل لحظة". فقد شارك محمد في تشييع جنازات 20 من زملائه، ويؤكد "مقتل حوالى ثلاثين صحافيا" منذ بدأ العمل مع فرانس برس في 2011. ويختم حديثه بالقول "اذا ما خسرت صديقك، تقول في نفسك ان دورك قد يأتي غدا".