2015-10-10 

مواقف تهز الوجدان فينا

هيفاء صفوق

كلنا -نحن البشر- عابرون، نتحلى بكل ما هو جميل وقبيح، تعترينا السلبية حيناً والإيجابية حيناً آخر، ندعي القوة ونحاول المثابرة بكل ما نعرف من تجارب الحياة والمواقف، والعلم والمعرفة والاطلاع والقراءة، ندعي أننا فهمنا الحياة جيداً، فخولنا أنفسنا أحياناً بمساعدة المتعبين والموجعين، نعطي النصائح بأن يتحلوا بالصبر والعزيمة مهما تكن الظروف والمآسي والمواقف، وكأنه سهل أو سريع الحدوث، هكذا علمتنا الحياة كما نظن، وهكذا قرأنا وتعلمنا، يظل الكلام والتنظير سهلاً، لكن بأن نعيش المواقف المؤلمة أي تكون أقدامنا على أرض الواقع، واقع مؤلم أو موقف صادم. يجعلنا نفكر بصدق أو إحساس أكثر، ما هو الألم أو ما هو العجز أو ما هو الانهزام أمام شيء لا تستطيع أن تقدم فيه الشيء الكثير؟ أمر مؤلم، ولاسيما لأشخاص نحاول الادعاء بأننا نساعدهم وتساندهم وفي لحظات لا نستطيع ذلك، نشعر بضعفنا ونطلب من الله القوة والعزيمة. مشاهدة عزيز علينا يتألم، ونحن مكتوفو الأيدي مؤلم جداً، يجعلنا نتأمل معاني الحياة بعمق، ولاسيما عندما نقف عاجزين عن تقديم المساعدة، هنا نحاول أن نطرق كل الأبواب، وأهمها باب الأمل والقوة والصبر والدعاء، من دون هذه الأدوات سنفتقر إلى السيطرة على ردود فعلنا، وندخل دائرة الألم أيضاً، حينها لا نستطيع مساعدتهم ولا مساعدة أنفسنا ونقع في هذا الوجع أو هذا الألم. المواقف المؤلمة كمريض يتألم أمامك، تجعلنا نفكر هل كنّا قريبين مما نحب أكثر؟ هل أعطينا من يستحقون في حياتنا أكثر فكنا المعين والسند، أم أخذتنا الحياة بخططها للبعيد، وخلقت فينا «الأنا»، وأعمت عيوناً عن العطاء والواجب، وفقدنا الإحساس بالقريب. هذه المواقف المؤلمة تذكرنا بأنفسنا كم نحن مهما بلغنا من نمو وتقدم عاجزين، لنا قدرات محدودة وهناك يظل من هو أقوى من الإنسان، كم توضح لنا هذه المواقف مدى قدرة صبرنا وقوتنا ومدى قدرتنا في استخدام تلك المعارف والمهارات في مواجهة الأزمات، سنفاجأ كلنا بحقائق لم ندركها إلا في ظل هذه المواقف، وكأنه اختبار لنا لكل ما تفوهنا به من مقدرة، سنكتشف أن الحياة ليست فقط ركضاً، ومالاً، وصيتاً، أو تفاخراً بما نقدمه في أي شيء، هي أعمق بكثير. الحياة معلم، وهذا المعلم أحياناً يكون صارماً، يقسو لكي نتطور ونعي وننضج، أي ندخل للعمق ونترك سفاسف الأمور وهوامش القيل والقال، ونتجرد تماماً من تلك «الأنا» التي تدعي معرفتها في كل شيء، هذه المواقف أو الأزمات دروس مجانية تتطلب الوعي منا؛ لفهم رسالتها وكيفية تطبيقها على أرض الواقع، لنلد بعدها عدة ولادات، تصقلنا وتجعلنا أكثر وعياً ونضجاً، وأكثر محبة وتسامحاً. يتطلب كما ذكرت سابقاً أدوات أو مفاتيح لتخطي هذه العقبات. السؤال: أننتظر مواقف كهذه لكي نتحرك، أم نبدأ من الآن في مساعدة أي محتاج في الطريق، وتقديم أي عون طالما نحن قادرون، وليس بضرورة الأقرباء والأصدقاء فقط، بل كل ما استطاعت أنفسنا من مساعدة وعطاء، فهي هدايا نحتاج إليها فيما بعدُ، ولاسيما وقت الأزمات. الحياة كما تدين تدان، من يعطي في وقت الرخاء سيجد في وقت الشدة من يأخذ بيده ويساعده وينور طريقه. لذا نحتاج إلى وقفة في تأمل دروس الحياة.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه