مرشد الثورة الإيرانية الأعلى علي خامنئي عاد وكالعادة إلى المزايدة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية بتصريحاته الأخيرة، عندما استقبل وفوداً شعبية خاطبها قائلاً إن إسرائيل إلى زوال في الـ25 عاماً المقبلة، وأنهم لن يتركوا إسرائيل في حالها حتى الزوال، وأميركا لم تسلم من تصريحاته الدعائية هذه، إذ قال إنه لا حوار بين طهران وواشنطن خارج إطار الاتفاق النووي، وهذه باعتقادي مراوغة أخرى من القيادة الإيرانية وتقسيم للأدوار. فالمرشد الأعلى يطلق مثل هذه التصريحات في ما يبدو ليس للشعب الإيراني، الذي يرزح تحت الحصار، وهو من يدفع ثمن ذلك من زيادة عالية في التضخم ومستويات قياسية في البطالة والمرشد يتحدث عن اقتصاد مقاوم، مثل هذا الخطاب يبدو أنه موجه إلى أتباع إيران في المنطقة العربية، خصوصاً بعد تورط هؤلاء في حروب مباشرة ضد بعض الشعوب العربية في سورية واليمن، إضافة إلى ارتفاع المطالب الشعبية بالعراق ضد الوجود الإيراني في بلادهم بشكل سافر، السلاح الفعال التي تجيد إيران استخدامه هو الفرقعة الإعلامية كما هذا التصريح، فكلنا يعرف بأن إسرائيل هي من الخطوط الحمراء بالنسبة إلى الغرب، خصوصاً. للولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل حاضرة وبقوة في مسيرة التفاوض في شأن النووي الإيراني، إذا المرشد الأعلى يعزف على وتر العواطف لدى الشعوب العربية والإسلامية، ولكن هذه كذبة لن تنطلي علينا، فكلنا يتذكر المظاهرات والمسيرات التي عمت المدن الإيرانية كافة بعد التوقيع على اتفاق فيينا النووي مع الغرب، التي كانت تعبر عن موقف النظام في طهران، كفانا تبجحاً واستغلالاً لقضية عربية وإسلامية لم تقدم لها إيران الملالي أي شيء على أرض الواقع، بل على العكس من ذلك، فالمنظمات التابعة لها ضيعت طريق القدس إذا كانت صادقة في مواقفها وانحرفت إلى دمشق وبغداد وصنعاء تنحر شعوباً عربية تطالب بالحرية والعدالة، وهذه بضاعة لا تستطيع، ولا يمكن أن نصدق أن إيران يمكن أن تقدمها للشعوب العربية. قد يكون المرشد الأعلى والقيادة الإيرانية تستشعر بأن سقوط ورقة التوت في العداء لأميركا قد قاربت على النهاية، وهذا يتطلب تغير في السلوك السياسي مع واشنطن والغرب مما يعني انفتاحاً أكثر على العالم، وهذا هو السلوك المنطقي، ولكن طهران تريد الاستمرار بالضحك على شعبها، ومن يعتقد بأنها ستقود لواء المقاومة لتحرير الأراضي العربية وفي الوقت ذاته ترتمي بحضن الشيطان الأميركي الأكبر، ولكن للأسف أن بعضهم يصدق مثل هذه الازدواجية الإيرانية، وباعتقادي أن ما يجري في اليمن ومن وقفة عربية، خصوصاً خليجية قد فضحت إيران أمام حلفائها، وكشفت حقيقة أهدافها. فالعرب ومنذ زمن طويل أخذوا زمام المبادرة في الوقوف إلى جانب الشرعية في اليمن، فهل تتخوف إيران من اليقظة العربية في ما بعد اليمن؟. ولفضح التناقضات الإيرانية في علاقاتها مع واشنطن أن الرئيس الإيراني حسن روحاني صرح قبل يوم واحد من تصريحات خامنئي أن بلاده على استعداد لإجراء محادثات مع واشنطن في عدد من الملفات، ومنها الأزمة السورية فمن نصدق من يهدد ويتوعد الشيطان الأكبر، أو من يبدي استعداد بلاده للتعاون مع واشنطن في قضايا سياسية إقليمية، فقط أقول كفى خداعاً وضحكاً على العقول.