رغم التنديدات الدولية والعالمية باقتحام المسجد الأقصى على مدى اليومين الماضيين، تجددت اليوم الثلاثاء المواجهات بين قوات الأمن الإسرائيلي والفلسطينيين في المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة. ويأتي ذلك على خلفية دخول مستوطنين إلى باحة المسجد معربين أنهم ينوون بناء الهيكل مكانه، حيث يستغل يهود متطرفون سماح الشرطة الإسرائيلية بدخول السياح الأجانب لزيارة الأقصى عبر باب المغاربة الذي تسيطر عليه، للدخول إلى باحة الأقصى لممارسة شعائر دينية والاجهار بأنهم ينوون بناء الهيكل مكانه. واندلعت المواجهات في الأقصى أول أمس الأحد، وهو أول أيام الاحتفالات برأس السنة اليهودية التي تنتهي اليوم الثلاثاء. ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية اتهمت منظمة التحرير الفلسطينية الاثنين اسرائيل بـ"جر العالم الى حرب دينية"، من خلال اقتحامها المتواصل للمسجد الاقصى، في حين دعت وزارة الخارجية الفلسيطينية مجلس الامن الى التدخل. وطالبت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي في بيان "المجتمع الدولي والعالمين العربي والإسلامي، بتحمل مسؤولياتهم والتدخل العاجل للجم العدوان الإسرائيلي المستفز والمتواصل بحق المسجد الأقصى والمقدسات الدينية وأبناء شعبنا الأعزل في القدس". ونددت الولايات المتحدة بأعمال العنف خلال اليومين الاخيرين في باحة المسجد الاقصى داعية اسرائيل والفلسطينيين إلى تجنب أي عمل استفزازي. وبحسب فرانس برس أعرب المتحدث باسم الخارجية الاميركية جون كيري في بيان قراه خلال مؤتمر صحافي عن "القلق الشديد" للولايات المتحدة وناشد الطرفين "الحفاظ على الوضع الراهن" في باحة المسجد الاقصى القائم منذ العام 1967. وقال كيري "ندين بقوة كل اعمال العنف. ان التزام كل الاطراف المعنيين ضبط النفس وامتناعهم عن اي عمل وخطاب استفزازي هو امر مطلوب بالحاح". وحذر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله في عمان الاثنين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من ان أي "استفزاز جديد" في القدس سيؤثر على العلاقات بين الاردن واسرائيل. وطالب محمد المومني وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن استفزازاتها واقتحام المسجد الأقصى، وكذلك بوقف الاعتداءات على الأماكن المقدسة. وبحسب دويتش فليه أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى صباح الأحد، بعد اشتباكات عنيفة في باحة الحرم القدسي مع شبان فلسطينيين قبل ساعات من بدء الاحتفالات برأس السنة العبرية. وشدد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على أن "القدس الشرقية والمقدسات الإسلامية والمسيحية خط أحمر، لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الاعتداءات على مقدساتنا". ودعا أبو ردينة "العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي للتحرك الفوري والضغط على إسرائيل لوقف محاولاتها المستمرة لتهويد المسجد الأقصى". وفي مصر ندد بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم الأحد "باقتحام" قوات إسرائيلية باحة المسجد الأقصى. وحذرت من الخطورة البالغة للاستمرار في سياسة انتهاك المقدسات الدينية لما يمثله ذلك من تأجيج لمشاعر الغضب والحمية الدينية، ويقوض الجهود التي تستهدف استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وطالبت مصر السلطات الإسرائيلية بتجنب سياسة حافة الهاوية وتجاوز الخطوط الحمراء الخاصة باحترام المقدسات الدينية، مؤكدة على أن المفاوضات الجادة التي تعكس الإرادة السياسية الحقيقية لدى الأطراف هي الأسلوب الوحيد والأمثل للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية. من جانبه قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردان إن "الحوادث الخطيرة التي وقعت في الحرم القدسي الشريف صباح اليوم الأحد تستلزم إعادة النظر في الترتيبات المتبعة فيه. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن اردان القول : لا يمكن أن يجعل مشاغبون مسلمون هذا المكان المقدس مسرحاً للقتال، وأشاد بأداء الشرطة التي مكنت الراغبين في دخول الحرم من زيارته. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد اتهم إسرائيل الجمعة الماضية بالسعي إلى تقسيم المسجد "زمانيا ومكانيا" مؤكدا أن هذا "لن يمر". في المقابل، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد تأكيداته حول رغبته في إبقاء الوضع الراهن في المسجد الأقصى. والوضع الراهن الموروث من حرب 1967 يجيز للمسلمين الوصول إلى المسجد الأقصى في كل ساعة من ساعات النهار والليل، ولليهود بدخوله في بعض الساعات، لكن لا يجيز لهم الصلاة فيه.