«مطل الغني ظلم»، أي تسويف الغني عن سداد دينه، هو ظلم مركب، ومثله تأخير العدل عن وقته. هذه كلها معاني تتعلق بقيمة التوقيت والسرعة العاقلة في تحقيق الرضا والشعور بالسكينة لدى الطرف المريد لسرعة الوقت وتحقيق العدل. ما فعله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في سرعة البت، بخصوص كارثة سقوط الرافعة الحديدية على الحرم المكي، مؤدية لوفاة 107 اشخاص وجرح 238، هو شفاء لما في الصدور. ما جرى هو تجسيد للشعور بقيمة الوقت وأهمية السرعة في إنجاز العدالة، ومحاسبة من يستحق الحساب. كلها دلالات تعني قوة الدولة وحزمها، في تحقيق العدل، وهل يريد الناس غير ذلك؟ التفاصيل كما يعلمها الجميع، هي أن رافعة حديدية عملاقة تزن عشرات الأطنان تابعة لشركة بن لادن، أشهر شركة إنشاءات في السعودية، هذه الرافعة هرست بعض المصلين والحجاج تحتها، في حادثة مروعة بسبب سوء الأحوال الجوية بشكل استثنائي في مكة. كان هذا قبل بضعة أيام، ليقوم الملك سلمان مصطحبا ولي عهده الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بزيارة لموقع الحادث في الحرم المكي، وتفقد الجرحى في المستشفى بمكة، وهم من جنسيات مختلفة، بما فيها الإيرانية. أمس خرج لنا الديوان الملكي السعودي ببيان حاسم لا لبس فيه. البيان وصف ما جرى، وحدد المسؤوليات، واتخذ الإجراءات اللازمة ضد من يستحقها، طبقا لتقرير لجنة التحقيق، التي أنجزت عملها بسرعة قياسية. الحادثة باختصار حسب البيان: «تعرض الرافعة لرياح قوية، وهي في وضعية خاطئة». السبب: عدم تطبيق الشركة لإجراءات السلامة، في تشغيل هذا النوع من الآلات الضخمة في الأماكن الضيقة، أيضا عدم تجاوب الشركة مع تحذيرات الأرصاد والبيئة، وأيضا غيرها من الجهات. الإجراء: منع أعضاء مجلس إدارة شركة بن لادن، ومعهم المهندس بكر بن لادن، من السفر، وإحالتهم لهيئة التحقيق والادعاء العام، وبعد ذلك طبعا عرضهم على القضاء. حتى نهاية المسألة، يتم وقف تصنيف شركة بن لادن، وعدم تكليفها بمشاريع مستقبلية. بخصوص الضحايا تم صرف مليون ريال لأسرة كل ضحية، ونصف مليون لكل مصاب، وتسهيلات أخرى ملكية تتعلق بالتأشيرات والزيارات. الإدانة هي من شأن القضاء، وتوجيه الاتهام هو من شأن الإدعاء والتحقيق، لكن ما يهمنا هنا، هو الحزم الواضح في التصدي للمشكلات والأزمات مهما بلغت حساسيتها، لاحظوا أن الكارثة جرت في الحرم المكي نفسه في بداية موسم الحج. هذا النهج هو المطمئن، بصرف النظر عن تفاصيل القضية. * نقلا عن "الشرق الأوسط"