روسيا اليوم- يبقى التصعيد سائدًا على الساحة اللبنانية فبعد اقتحام عشرات المحتجين من حملة "طلعت ريحتكم" مبنى وزارة البيئة حاول محتجون من حملتي "بدنا نحاسب" و"حلو عنا" الدخول إلى مديرية الإيرادات. لكن القوى الأمنية حالت دون ذلك ليبقى الاعتصام أمام مبنى مديرية الإيرادات التابعة لوزارة المالية إلى نهاية ساعات الدوام الرسمي، واكتفى المحتجون برفع اللافتات المطالبة بعدم تحويل رواتب النواب. التحول نحو وزارة المالية لم يكن متوقعًا على اعتبار أن كل التحركات الاحتجاجية التي يشهدها لبنان منذ نحو شهر تركزت أمام السراي الحكومية ووزارة البيئية، في إشارة تدل على استهداف رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والوزراء المحسوبين عليه في الحكومة ومنهم وزير البيئة محمد المشنوق، انطلاقا من أن هذه المجموعة الحكومية لا تحظى بغطاء سياسي شامل لا من قوى 14 آذار ولا من قوى 8 آذار، وبالتالي فإنه من السهل مواجهتها عبر الشارع لأنها بالأساس جاءت شبه وسطية ونتيجة لتفاهمات وتوافقات خلف الأبواب المغلقة وهي لا تملك شارعا خاصا على غرار كتلتي 14 و 8 آذار. لكن حادثة محاولة اقتحام مديرية الإيرادات التابعة لوزارة المالية بالأمس تحمل أكثر من دلالة، سيما أن وزير المالية علي حسن خليل هو من ضمن "كوتة" رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبالتالي فإن تحرك الاحتجاجات باتجاه وزارة المالية إنما سيقرأ باتجاه "حركة أمل"، مما يعني أن شارعًا آخراً سينتفض حكمًا في حال تكرار تلك الحادثة، الأمر الذي ينذر بمخاطر كبيرة في حال لم يتم استدراك الموقف. لا شك أن الرئيس بري الذي يسعى الى تخفيف احتقان الشارع من خلال الحوار الذي أطلقه تحت قبة البرلمان بين رؤوساء الكتل النيابية سيكون أمام تحديات جديدة في الجلسات القادمة، اذ أن التحرك باتجاه وزرائه يخرجه من دائرة الساعين الى احتواء الازمة ويضعه في دائرة المستهدفين. على الرغم من أن تجارب بري السابقة تثبت قدرة الرجل على تدوير الزوايا في الأوقات العصيبة والحساسة، فهل سينجح رئيس المجلس النيابي هذه المرة في امتصاص نقمة الشارع المنتفض من جهة وضبط ردة فعل شارعه من جهة اخرى؟. اذا كل المؤشرات تدل على الاحتجاجات في لبنان تأخذ منحى تصعيديا، بعد أن فشل المحتجون بتحقيق مطالبهم التي انطلقت من المطالبة بازالة النفايات من الشوارع لتصل الى تغيير النظام ومحاسبة المسؤولين عن الفساد في البلاد. لكن هناك تساؤلات عدة بات يتداولها الشارع اللبناني حول كثرة الحملات الاحتجاجية وتفرد كل منها بتحرك خاص به من دون التنسيق مع المجموعات الأخرى، ما يعتبره بعض المراقبين تضاربا وتباينا في أجندات الحملات، فيما يعتبره البعض الآخر واحدا من سيناريوهات تقسيم الأدوار بين الحركات الاحتجاجية. وبصرف النظر عن وجهتي النظر لا شك أن لبنان سيكون أمام منعطف خطير جدا في حال تكرار مشهد استهداف الوزارات التي تحظى بغطاء من القوى السياسية الفاعلة في البلاد .