قول وزير الدفاع الإسرائيلي إن إسرائيل لن تسمح لـ «حزب الله» أن يرسل سلاحاً إلى لبنان من ضمن مواقف إسرائيلية علنية لا تعبر عن حقيقة وواقع الموقف الإسرائيلي مما يحدث في سورية. فإسرائيل مرتاحة جداً لانشغال «حزب الله» في حربه لدعم بشار الأسد ضد شعبه. وتدرك الدولة الصهيونية أن الحزب في خضم الصراع السوري وهو يتكبد خسائر كبرى وتحولت أعماله الحربية من الجنوب ضد إسرائيل إلى مواجهة الشعب العربي السوري. إضافة إلى ذلك، تحبذ إسرائيل بقاء نظام الأسد الذي حرص تولي والده زمام الحكم في سورية هو حرص على عدم التعرض للدولة العبرية في أي مواجهة عسكرية حتى عندما ضربت إسرائيل الموقع النووي السوري. وإسرائيل مرتاحة للحرب السورية لأنها تضعف «حزب الله» وتمزق بلداً عربياً وتحول اهتمام العالم والمنطقة العربية إلى الصراع السوري وتترك القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني يتحملان مآسي الاحتلال الإسرائيلي. والمخاوف الإسرائيلية من وصول سلاح «حزب الله» وايران إلى لبنان مصطنعة لأن الدولة العبرية مدركة تماماً ان الحزب يسيطر على المطار والمرفأ في بيروت وأن أي شيء يدخل لما يسمى بالمقاومة لا يفتش ولا يتم توقيفه. وقلما شهد الوضع الإسرائيلي أحوالاً مريحة له كهذه التي تسود في العالم العربي الذي يتمزق بالحروب وبالطائفية والانقسامات إضافة إلى وضع سيئ في السلطة الفلسطينية مع خلافات داخلية ورئاسة شاخت وهي عاجزة تعاني من صراعات عميقة ومن تمزق من أجل سلطة من دون نفوذ مع احتلال مستمر ومتماد من دون أية محاسبة دولية. وجاء الرئيس محمود عباس إلى فرنسا، وهي دولة صديقة، يطالب بالعمل على وقف ما يحصل في القدس من عنف في باحة مسجد الأقصى ووقف الاستيطان لإعداد الأجواء للمفاوضات لأن استمرار الوضع يعني انتفاضة جديدة. لا ريب في أن الممارسات الإسرائيلية في القدس والاستيطان إجرام في حق الشعب الفلسطيني وينبغي إيقافه. وطمحت فرنسا إلى قرار من مجلس الأمن يجبر على التفاوض ويضع مهلة زمنية ١٨ شهراً، بعدها في حال لم يجر التوصل إلى نتائج، تعلن اعترافها بالدولة الفلسطينية. لكنها تراجعت عن هذا المشروع بسبب الفيتو الاميركي. ثم طرحت فكرة مجموعة مواكبة أو اتصال للقضية الفلسطينية في الجمعية العمومية تضم اللجنة الرباعية المعنية بمفاوضات السلام إضافة إلى الاردن والسعودية ومصر والمغرب. أي مواكبة هذه لشعب فلسطيني مستمر تحت الاحتلال؟ وانتهاكات حقوق الإنسان من دولة عبرية تحميها الإدارة الأميركية ولا تريد في الظرف الحالي أكثر من أي وقت مضى إزعاج الحليف الإسرائيلي بسبب استيائه من اتفاق الدول الست مع إيران حول النووي الإيراني. فإن الحديث عن دعم أو مواكبة لشعب فلسطيني كل العالم تركه إلى مأساته منذ عقود خال من أي مضمون، ما دام أن ما من أحد مستعد لأن يحاسب نتانياهو. ويراهن مسؤول عربي ان اوباما خلال خطابه أمام الجمعية العمومية سيكتفي بالكلام عن معايير السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل من دون العودة إلى ما وعد به للعمل لإنشاء دولة فلسطينية. بكل الأحوال، من المستبعد أن ترى الدولة الفلسطينية النور يوماً في ظل عدم محاسبة حكومة نتانياهو. لم يتصور أحد عندما انتهى عهد جورج دبليو بوش إمكان ان يأتي أسوأ منه للعالم العربي. وهلل العرب لخطاب اوباما في القاهرة في بداية عهده الأول. أما فعلياً، فالحرب السورية والوضع الفلسطيني والتقارب مع إيران وتسليم العراق ولبنان وتدريجياً سورية للنفوذ الإيراني ستجعل تاريخ اوباما أسوأ للعرب. لكن ماذا بعده؟ * نقلاً عن "الحياة"