الحدث الأكبر في الإمارات، هو هذه الحرب المصيرية، هذه الحرب، التي بدأت تشكل ذاكرة الإنسان الإماراتي، تحاك من حرير الدماء الزكية التي سالت على أرض اليمن ورائحتها تفوح في فضاء الإمارات، عبق الأبطال الذين قبل أن يلفظوا الأنفاس، نطقوا الشهادة وودعوا الأهل والأحبة، بالثوب الأبيض. والآن، ونحن نعيش هذا المشهد التاريخي، نرى ونسمع ونقرأ ما تجيش به خواطر الإنسان في الإمارات، وما تتداوله الألسن وتخيطه الذاكرة، هي ذاكرة المصير الواحد، والوطن الحر، والإنسان الذي يعيد إنتاج ثقافته، بصورة مثالية وواعية، الإنسان الذي خرج من شرنقة الاستهلاك اليومي، لشؤون ذاتية ضئيلة إلى فضاء أرحب، بقناعة راسخة أن للوطن سواعد، قادرة أن تحميه وتردع الخطوب، وتذود عن الحمى، ذاكرة جديدة، بصفحات منقوشة من حبر الدم الأحمر، الذي سيبقى إشارة حمراء دائماً توقف جل المشاريع العدوانية والانتهازية والعنصرية، وتضع حداً للتهور، والبطش والاستبداد.. هذه الذاكرة ستكون سياجاً منيعاً، ستنكسر عنده جل أمواج الطمع والجشع الخارجي وستنحسر أمامه، جحافل البغي والطغيان.. شبابنا اليوم نموذجهم أبطال الساحات المشرفة وليس التعليقات والتقليعات وموضات العصر الاستهلاكي.. شباب سيجلسون في البيوت أو المقاهي، لسماع أحدث الأخبار عما يدور في الوطن وخارجه، ولن تلهيهم شطحات وسائل التواصل الاجتماعي. شبابنا بالفعل بهذه السلوكيات الجديدة أثبتوا بجدارة أن ما زرعه زايد الخير، رحمه الله، يحصده الوطن الآن، ويقطف ثماره، وما التكاتف الجماهيري ساعة سماع الخبر الأليم، والبوح بصوت واحد، من شعم حتى السلع، إلا ما يعبر عن ذاكرة جديدة تتشكل بفضل الدماء التي سالت، وما أبدته القيادة، من صنع جميل في تداخلها مع الناس، وتواصلها وامتزاج الدمع بالدمع، لتصبح بعد ذلك الفرحة بوسع هذا الكون، اعتزازاً وفخراً بالأبطال وأمهات الأبطال، وكم هو جميل أن يقول ستيني، إنه مستعد للذهاب إلى ساحة القتال دفاعاً عن الشرف الرفيع، كم هو جميل أن نجد أمهات فقدن فلذات الأكباد، ويقلن كل هذا يهون في سبيل الوطن.. إذن نحن أمام وطن يقع في فخ التصريحات لا الشعارات، بل إنه يكتب تاريخه بالدم، منسوجاً على صدور الأحبة من أبنائه وبفضل من كانت الفضيلة غايته، وشرف الإنسان رايته، وعشق هذا الوطن أغلى أمنياته.. والجميع اليوم في قارب النهوض، يذهبون إلى المستقبل، بشراع أبيض كتب على قماشته، يا وطني لا تخشى الخطوب، فالعزيمة أقوى من عواصف الطغيان، ونواسف أعداء الحرية. يا وطني أنت الباقي، وهم ذاهبون إلى الجحيم.. نقلا عن الاتحاد الإماراتية