أثار التدخل العسكري الروسي في سوريا حفيظة المسلمين وذكرهم بالإحتلال السوفيتي في أفغانستان ، وهو مايثير الشكوك حول عودة الجهاد الإسلامي ضد الروس وتحول سوريا إلى أفغانستان جديد. وهذا مايقوله الخبير الأردني في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية لـ دويتش فيله إن التدخل الروسي في سوريا سيساهم في تأجيج الوضع المتأزم أصلاً، ذاكرا أن بيانات الحركات الإسلامية ضد الوجود الروسي، بدأت تعيد إلى الأذهان مرحلة "الجهاد الأفغاني ضد روسيا"، وعمليات التجنيد واستقطاب المقاتلين تحت إطار "شرعي". وبالفعل صدرت بيانات من مكاتب الإخوان المسلمين في القاهرة والدوحة لتحرير سوريا من الاحتلال الروسي ومن 55 إماما سعوديا يدعون لمحاربة الروس في سوريا بحسب ماذكرته دويتش فيله. بيانات الإدانة هذه التي أصدرتها بعض الحركات والجماعات الإسلامية، ضد التدخل الروسي في سوريا، لم تقف حول إدانة هذا التدخل وحسب، بل تعدته "لتستنهض الأمة وقادتها، لنصرة الشعب السوري وإعانته على المقاومة". وذلك بحسب البيان الذي أصدره الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من الدوحة. وهو ما يعنيه حث الجهاديين على مقاومة التدخل الروسي في سوريا. وبعد أن أعربت جماعة "الإخوان المسلمين" في بيانين مختلفين من الدوحة ومن القاهرة عن رفضهما لما اعتبروه "الاحتلال الروسي لسوريا"، أصدر 55 عالما في المملكة العربية السعودية بيانا، يوم السبت الماضي، دعوا فيه من الرياض كافة الفصائل السورية إلى "توحيد الصفوف وجمع الكلمة، في وجه التدخل الروسي الذي قالوا إنه لم يأت إلا لإنقاذ النظام السوري من هزيمة محققة". ويرى مراقبون أن روسيا بتدخلها العسكري الصريح في سوريا، باتت جزءا من الصراع في المنطقة، ما يجعلها مستهدفة من القوات المتصارعة في سوريا وأيضا في العراق، خاصة بعد أن ذكرت صحيفة القدس العربي اللندنية في عددها الصادر الأربعاء إلى توجه 700 مقاتل شيشاني من العراق إلى سوريا، وذلك للمساهمة قي قتال القوات الروسية هناك. وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء المقاتلين يملكون خبرات عالية في قتال الجيش الروسي كونهم شاركوا سابقا في قتال الجيش الروسي في الشيشان. ونوه أبوهنية إلى أن هناك "مبالغات من قبل الغرب لدى الحديث عن التدخل الروسي"، وذلك بالرغم من الحديث عن النجاعة الروسية في القتال،ذاكرا أن أمريكا والحلفاء نفذوا أكثر من 6800 غارة على معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروفة بداعش، قتلت الآلاف منهم، لذلك فإن بعض الغارات الجوية على الأرض، حتى لو كانت من قبل الروس لا تعد تغييرا جوهريا لحد الآن. ويقول الباحث الألماني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ألبريشت ميتسغر أكد في حوار مع دويتش فيله أن على روسيا أن تكون حذرة في تصرفاتها العسكرية، إذ أن سقوط مدنيين سوريين قد يؤدي إلى تأليب السوريين ضد قواتها هناك، ويفقدها الغطاء التي أعلنت أنها قدمت من أجله، وهو محاربة الإرهاب، كما أشار ميتسغر إلى أن هنالك خطر قائم من اصطدام بين الطائرات الروسية والأمريكية في الجو السوري، وهو ما قد يعني تصعيدا بين البلدين، لذلك عملت روسيا منذ اللحظة الأولى على إيجاد نوع من التواصل بينها وبين الأمريكيين للمحاولة من منع حدوث أية حوادث من هذا القبيل. من جهته يرى أبو هنية أن مشكلة روسيا تتمثل في جهاديين تواقين إلى الانتقام منها، لما فعلته مسبقا في أفغانستان والشيشان، وتابع الخبير الأردني أن جماعة المقاتلين الشيشان المنضوين تحت إطار جيش المهاجرين، والحركات التركستانية والاوزباكية، وغيرهم من الحركات الإسلامية القادمة من أسيا الوسطى، تنظر إلى أن الفرصة قد حانت للانتقام من الروس، ويريدون جر روسيا إلى حرب برية. ويضيف حسن أبو هنية أن روسيا تعلم أن الضربات الجوية فقط لا تكفي مطلقا لحسم المعركة. إلا أنها لا زالت مترددة من القيام بأية عمل بري، وذلك خشية من استنزاف قواتها هناك. وبحسب أبو هنية "إذا نجحت الحركات الجهادية في استدراج القوات الروسية لحرب برية فهذا يعني توريط أكبر لروسيا في تدخلها العسكري في سوريا". وبالرغم من التحفظ التركي والإسرائيلي على الوجود الروسي في سوريا، والذي سيعيق التحرك بحرية في محيط سوريا كما قال الخبير الألماني ميتسغر إلا أنه لا يعتقد أن "صراعا روسيا إسرائيليا" قد يحدث في المستقبل المنظور، ويقول "إسرائيل تراقب الوضع، إلا أنها ترى أنه من مصلحتها أيضا ما تفعله روسيا من الهجوم على معاقل داعش". بيد أن الوضع يبدوا أكثر صعوبة في الحالة التركية، كون هنالك العديد من الاحتكاكات التي من الممكن أن تحصل. كما يضيف ألبريشت ميتسغر ويقول:" تركيا لها تحركاتها العسكرية في المنطقة، إلا أنني مقتنع أن روسيا ستحاول بشتى السبل عدم استفزاز تركيا، ليس لأنها تخشى المواجه، بل لأن تركيا ليست على قائمة الاهتمام للرئيس الروسي بوتين".