شهدت المواجهات المندلعة في الضفة الغربية، منذ بداية شهر أكتوبر الجاري، بين الجيش الإسرائيلي وشبان فلسطينيين، تواجداً لافتاً للفتيات الللاتي كنّ يمطرن الجنود بالحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة، ويسعفن الشباب المصاب.
الفتيات الفلسطينيات قررن المشاركة جنبًا إلى جنب مع شبان "انتفضوا" ضد القوات الإسرائيلية التي قتلت أحبةً لهم، وقطّعت أوصال الوطن بالحواجز. وحققت الفتيات الفلسطينيات في الضفة الغربية حضورًا لافتًا، في الحراك الجماهيري الفلسطيني المتصاعد بالضفة الغربية، فملأن جيوبهن بالحجارة.
الفتيات أثبتن أنهن أقوى وأشجع من المجتمع الدولي والعربي المتخاذل تجاه القضية الفلسطينية والانتهاكات الاسرائيلية اليومية فعند مدخل مدينة رام الله، وسط الضفة، حيث المواجهات اليومية مع الجيش الإسرائيلي، فتيات تلثمن بالكوفية الفلسطينية على خط التماس، منهن من تمسك حجرًا وتستعد لقذفه، وأخرى تجلب إلى شبان بجوارها، كومة من حجارة، وثالثة تهرع بالعطور إلى المصابين اختناقاً بالغاز، في محاولة منها لإسعافهم.
"فتقول نهى"، طالبة في كلية الحقوق، بجامعة بيرزيت، لوكالة أنباء الاناضول: "أنا هنا اليوم، أشارك زميلاتي، لا لشيء سوى أننا نقدم واجبنا تجاه الوطن، نقاوم الاحتلال، نرفض الصمت على ما يجري من انتهاكات يومية".
وتمضي قائلة: "المقاومة ليست حكراً على الشباب، نشاركهم في الدراسة وحتى الوظائف، ويمكننا أيضاً أن نقاوم، نرشق الحجارة، أو حتى نقدم المساعدة لهم".
فتاة أخرى، تلثمت بالكوفية، تحدثت للأناضول، مفضلة عدم ذكر اسمها، خوفاً من الملاحقة الأمنية: "إسرائيل تقتل وتأسر، لا تفرق بين ذكر وأنثى، تهود مدينتا المقدسة، وتواصل الاستيطان ( ) نحن هنا لنقاوم".
وتضيف: "لا نخاف من رصاص الاحتلال، ولا حتى الاعتقال، لا يمكن أن نواصل الصمت تجاه ما يجري".
تقاطعها ملثمة أخرى: "نحن هنا لكي نقول للفصائل الفلسطينية: يكفي انقسام، ويكفي سبات، ونقول للاحتلال: لن نقبل الخنوع، وسنقاوم".
وبينما كانت تمسك حجراً بيدها، أردفت بقولها: "نقاتلهم بحجارتنا التي هي رمز وجودنا".
وفي ذلك المكان، تقف فتاة فلسطينية حاملةً زجاجات عطور في يديها، تقدمها للشبان الذين يصابون بحالات اختناق، إثر استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، لمعالجتهم ميدانياً، ومساعدتهم على إكمال مسيرتهم.
تقول، مفضلة عدم ذكر اسمها، لنفس الدواعي الأمنية: "كل منا يمكنه أن يقاوم، يلقي حجراً، أو يراقب تحركات الجيش، أو حتى يقدم عطراً (...) فلسطين لكل الفلسطينيين، والمقاومة واجب علنيا جميعاً".
وتقول عبير: "نحن شركاء في المقاومة، وها نحن كما ترى نقدم للشبان الحجارة".
وعن كونها فتاة، تضيف: "هذا لا يعني أنني غير قادرة على المقاومة، يمكننا أن نقاوم، الوطن لكل الشعب الفلسطيني".
وبحسب مسعفين فلسطينيين، أصيبت العشرات من الفتيات خلال المواجهات، بحالات اختناق نتيجة استنشاقهن الغاز المسيل للدموع، فيما أصيبت أخريات بجروح مختلفة، بينهن داليا نصار، التي تعرضت لرصاص حي في الصدر، أُدخلت على إثرها لمجمع رام الله الطبي الحكومي، حيث وصفت حالتها بـ"الخطيرة".
ومنذ الأول من الشهر الجاري، تشهد الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات إسرائيلية، أسفرت عن مقتل 24 فلسطينياً، وإصابة مئات آخرين.
يُذكر أن المرأة الفلسطينية شاركت بشكل لافت في مواجهة لاحتلال، طيلة سنوات الصراع مع الإسرائيليين، حيث كان لها دور في المظاهرات، والتعبئة، وصولاً إلى انتهاج العمليات "الاستشهادية" كردٍ على ما يواجهه أبناء شعبها من "انتهاكات وممارسات على يد القوات الإسرائيلية"، كما أن الكثير تعرضن للاعتقال في السجون الإسرائيلية.