روي في الأثر أن رجلاً قال لصاحبه «إن قلبي لا يرتاح لفلان فرد عليه: ولا أنا ولكن ما يدريك لعل الله طمس على قلوبنا فأصبحنا لا نحب الصالحين».
وقال الأصمعي: «رأيت رجلاً بالبادية له من العمر مئة وعشرين سنة فسألته عن هذا النشاط في مثل هذا العمر؟ فقال: تركت الحسد فبقي الجسد».
في الأولى الكثير منا لا يحسن الظن وهذا هو الواقع المرير الذي نعيشه، أما الثانية فالحسد واضحة معالمه، واحتكر من رموزه كل منفذ «حنفية» تؤدي إلى الثراء٬ النفوذ٬ المنصب.
يحدثوننا عن تصريح٬ قول٬ خبر... أو أي عبارة فيها سوء أو يمكن ترجمتها إلى سوء وإن كان القصد منها مخالفاً.
من انطباعاتهم يرسمون الصور في مخيلاتهم حسداً منهم أم من سوء ظن لأنهم لا «يحبون» ما يعبر عنه أشخاص لا تتطابق كيميائياتهم الشخصية مع وضعهم «الأعوج».
لهذا السبب يمرض البدون... ويموتون ويحرمون من التعليم والتوظيف ونحن ما زلنا نعالج قضيتهم، وكنا نظن الأمر مقتصراً عليهم، حتى صرنا نحن ككويتيين أباً عن جد معرضين لمثل ما يتعرضون له.
عندما يخرج لنا النائب الدكتور عبدالله الطريجي بتصريح من لوزان يقول في عنوانه «هيبة الكويت وقوانينها أكبر من أحمد وطلال ونعيمة الأحمد» ( الراي 10 أكتوبر 2015)... فماذ تبقى لنا نحن البسطاء!
صراع ما كتب له الحكماء العقلاء أن ينتهي... نعم فنحن نتابع الصراع الذي بطبيعته لا يمنح مجالاً للتلاقي لفتح صفحة جديدة.
حتى على مستوى مجلس الأمة... وقبل انعقاد المجلس في دورته الجديدة تظهر بوادر التأزيم من خلال استجوابات ستقدم في دور الانعقاد المقبل حسب ما تداولته وسائل الإعلام وإن كنت أظن أنها «سهود ومهود»!
لاحظ... عندما نردد في الدعاء «اللهم أرنا الحق حقاً٬ وارزقنا اتباعه٬ وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه» فهذا يعني وجوب قول الحق ولو على أنفسنا.
لذلك نحن نكتب عن ما يردده أحبتنا في «الدواوين» وبعض اللقاءات الجماعية عند مناقشة قضايا تهم أفراد المجتمع الكويتي، ويعتبر تفشي الفساد بشقيه المادي والمعنوي من أهم ما دفع «الفساد المستور» إلى الظهور للعلن.
في الأمس كانت ممارسات الفساد «على استحياء»، لكنها باتت الآن «على عينك يا تاجر» كما يقولون، والسبب في هذا وذاك يعود لتفشي ظاهرتي الحسد وسوء الظن وغياب المعالجة الفورية... فمن الحسد منح إدارة بعض المؤسسات لغير الكفاءات ومن لا يتسم بالنزاهة، وهذا مبعث للفساد وجعله على نطاق أوسع أمراً سائداً!
وسوء الظن «حبس» بعض الأجساد والأفكار... حتى صارت النوايا يحاسب عليها الفرد.
من وجهة نظري٬ أرى أن الوضع بحاجة إلى مراجعة فورية فقد يكون من بيننا من طمس الله على قلبه فأصبح لا يحب الصالحين.
لذلك ننادي المعنيين بالأمر من أصحاب القرار بأن يبعدوا أنفسهم وميولها عن الحكم على الأحداث، وأن يأخذوا الاستشارة من أطراف محايدة حكيمة عاقلة شريطة أن تكون النوايا الإصلاحية حاضرة ومن ثم نصدر الأحكام على كل مسيء للمجتمع الكويتي ومؤسساته... و«غير هالكلام... لا تدور» والله المستعان!
نقلا عن الرأي الكويتية