الفرنسية - تعد الامارات من اكبر مصدري النفط في العالم إلا انها تستثمر المليارات من اموال الذهب الاسود في تطوير الطاقة المستدامة وفي الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط.
واكد الرئيس التنفيذي لمصدر احمد بلهول في لقاء مع وكالة فرانس برس ان المبادرة "تجسد رؤية الامارات" في مجال الطاقة وتقدم "تطبيقا للرؤية من خلال نشر الطاقة المتجددة والاستثمار في الابحاث ومن خلال بناء مدينة مستدامة".
وصرح ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد في وقت سابق هذه السنة ان بلاده التي تعوم على حوالى ستة في المئة من النفط العالمي ستصدر آخر سفينة محملة بالنفط بعد خمسين سنة، وينبغي الاستعداد للمرحلة المقبلة.
ومصدر مدينة مستدامة على تخوم العاصمة، وذراع استثمارية عملاقة في مجال الطاقة النظيفة حول العالم، ومعهد ومركز ابحاث لصناعة تكنولوجيا المستقبل.
وساهم النفط في تحويل الامارات من مجموعة مدن ساحلية صغيرة وفقيرة يقطنها صيادو اللؤلؤ، الى دولة متقدمة تملؤها ناطحات السحاب والفنادق الفخمة وتملك عددا من اغنى الصناديق السيادية في العالم.
ويصل حجم اصول صندوق ابوظبي السيادي الرئيسي (جهاز ابوظبي للاستثمار) وحده الى 773 مليار دولار، بحسب معهد الصناديق السيادية.
واعتبر بلهول ان "مصدر" تقدم "صورة مشرقة وايجابية" عن منطقة الشرق الاوسط التي تنهشها النزاعات.
داخل المدينة، يختلط الطلاب والموظفون واصحاب الشركات الصغيرة والباحثون واصحاب براءات الاختراع، الاماراتيون والاجانب، بثياب غير رسمية تذكر باجواء مدن صناعة التكنولوجيا في كاليفورنيا.
وقالت مديرة ادارة الاستدامة في مصدر نوال الحوسني وهي تقف في ممر انيق يصل بين المباني ذات تصميم يستوحي كثبان الربع الخالي بالوان ترابية، ان الامارات "بلد شاب وشجاع وطموح يصب الموارد التي يجنيها من النفط في قطاع" الطاقة المتجددة، مضيفة "باتت الامارات اول عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) لا يصدر النفط فحسب بل الطاقة المتجددة ايضا الى العالم".
ومصدر شريكة على سبيل المثال في مشروع "خيما سولار" الفريد من نوعه في اسبانيا، وهو اول مشروع بالطاقة الشمسية المركزة قادر على انتاج الكهرباء على مدار الساعة بقدرة 20 ميغاواط. كما انها شريكة في مشروع طاقة الرياح البحري الاكبر في العالم "لندن اراي" قبالة الشواطئ البريطانية، وتستثمر في مشاريع ضخمة لطاقة الرياح في سلطنة عمان.
محليا، طورت مصدر مشروع "شمس 1" للطاقة الشمسية الذي ينتج مئة ميغاواط من الطاقة في صحراء ابوظبي.
كما دعمت مشروع الطائرة الشمسية "سولار امبلس" التي انطلقت من ابوظبي في اذار/مارس في رحلة حول العالم وانما اضطرت لتعليق الرحلة بعد بلوغها هاواي بسبب عطل في البطارية.
وفي الاجمال، تقود مصدر بشكل كامل او جزئي مشاريع للطاقة المتجددة حول العالم بقدرة 1,5 ميغاواط.
وتستضيف ابوظبي مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "ايرينا" في موقع قريب من مدينة مصدر.
وتقدر قيمة استثمارات الامارات في مجال الطاقة البديلة ب35 مليار دولار حتى العام 2020، بينها حوالى عشرين مليار دولار لمشروع محطة بركة النووية في غرب الامارات.
ومن المفترض ان ينخفض اعتماد الامارات على الغاز الطبيعي لانتاج الكهرباء من 90% الى 70% في 2020.
وبالتوازي مع نمو الاستثمارات، يفترض ان تتحول مدينة مصدر الى مكان سكني ومركز للتطوير العقاري والتجاري المستدام، ولا يزال نمو المدينة على هذا الصعيد متواضعا.
وتضم المدينة حاليا "معهد مصدر" الذي يؤمه 460 طالبا من 60 دولة ومئة استاذ، ومساكن الطلاب، وعددا من المباني التي تحتضن مقار اقليمية لشركات عالمية مثل "سيمنز" و"جي اي" وحوالى مئة شركة صغيرة تعمل في مجال الاستدامة.
وبدأت اعمال بناء فندق ومجمع سكني جديد في المدينة التي تذكر بعض النقاط فيها بافلام الخيال العلمي.
فبعد الوصول الى مرآب السيارات، يستقل الزائر سيارات تسير من دون سائق تقوده في الممرات الداخلية والمغلقة الى معهد مصدر الذي صمم مبانيه المعماري الشهير نورمن فوستر.
داخل المعهد، تنتشر المختبرات والشاشات العملاقة، فيما تعلو المباني الالواح الشمسية.
في محيط المعهد، محطات لاختبار تقنيات جديدة في الطاقة الشمسية وفي صناعة الوقود العضوي، ابرزها محطة فريدة على مستوى المنطقة لتخزين الحرارة من الشمس، بما يسمح بانتاج الطاقة عند غياب الضوء المباشر.
وصممت واجهات المباني لتشكل حاجزا عازلا فتخفض الحرارة داخل المباني وتخفف من كمية التبريد المطلوب.
لكن مستوى الانبعاثات لن يحول على الارجح دون تصنيف الامارات في صف الطلاب الناجحين خلال قمة باريس، بفضل مبادرات مثل مصدر والمساعدات الاماراتية للدول النامية من اجل تطوير الطاقة المستدامة.
وقال ثاني الزيودي، مدير إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ في وزارة الخارجية الاماراتية ومنسق مشاركة الامارات في مؤتمر باريس، "خلال السنوات الخمس الماضية، هناك مشاريع بقيمة 840 مليون دولار في 25 دولة قدمتها دولة الامارات في مجال الطاقة المتجددة".
وقال بلهول "كان اجدادنا الذين عانوا من اصعب الظروف المناخية والاجتماعية يعيشون الاستدامة بكل معنى الكلمة ويستهلكون ما يحتاجونه فقط. بعد ظهور الثروة، فقد كثيرون هذه الثقافة، الا انها تعود من جديد الآن".