الفرنسية - لا يزال سكان حي الجمهورية الشعبي في معتمدية المنيهلة قرب تونس تحت تأثير الصدمة، بعدما فجر ابن حيهم حسام العبدلي (26 عاما) نفسه الثلاثاء في حافلة لعناصر الامن الرئاسي، ما تسبب بمقتل اثني عشر منهم.
ويجمع عارفو حسام العبدلي على ان الشاب تغير بعد "الثورة" في 2011 وبروز التيارات الاسلامية المتطرفة، وابتعد عن اصدقائه وبات "منعزلا".
الثلاثاء الماضي، دخل حسام العبدلي مقهى اعتاد التردد عليه في حيه و"احتسى كالمعتاد قهوة على السريع، ثم انصرف"، بحسب ما يقول نادل يعمل في المقهى.
في اليوم نفسه، فجر العبدلي حزاما ناسفا يحوي عشرة كيلوغرامات من المتفجرات، بحسب وزارة الداخلية. وتبنى تنظيم الدولة الاسلامية الاعتداء، مشيرا في بيان نشره على الانترنت الى ان منفذه هو "ابو عبد الله التونسي" الذي نشر صورة قال انها له، تظهر شابا بلباس ابيض، ملثم الوجه، يضع حزاما ناسفا ويرفع سبابة يده اليمنى.
ويقول النادل "بسبب انعزاله الدائم اعتقدنا انه مريض نفسيا. وحصل مرة ان تشاجر مع احد ابناء حيه الذي يعمل في الامن الرئاسي بعدما وصفه بأنه طاغوت". وتطلق مجموعات جهادية كلمة "طاغوت" على قوات الجيش والأمن وسياسيين في تونس.
ويروي مهدي الذي يرتاد المقهى يوميا لوكالة فرانس برس "التقيت به قبل اشهر، ولما رآني قال +أعوذ بالله من الشيطان الرجيم+ لأنني اشرب الكحول. هممت بضربه يومها لكني لم افعل لأن والده رجل طيب".
-"تغير ولم يعد يكلم احدا"-
ويجمع جيران العبدلي وبعض ابناء حيه على انه "تغير" وبات "لا يكلم احدا" منذ ان شرع في التردد على مساجد يسيطر عليها متشددون بعد الثورة التي اطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
ويقول وليد (27 عاما) "حسام ابن حينا، كان متيما بكرة القدم وبالنادي الافريقي (احد اعرق اندية الكرة في تونس). كنا نتردد باستمرار على المقهى للعب الورق او مشاهدة مباريات الدوري الاسباني. لكن اولاد الحرام غرروا به، ففعل هذه الفعلة الشنيعة التي لم تكن تخطر لنا على بال وسببت لنا صدمة لم نفق منها بعد".
ويضيف "كان بارعا جدا في لعب كرة القدم، حتى اننا كنا نطلق عليه اسم اللاعب البرازيلي بيريرا".
ويتابع "كنا نحتسي معا الكحول وندخن الزطلة (الحشيش) في بطحاء الحي، لكنه اصبح انسانا اخر لا نعرفه منذ ان بدأ يصلي في جوامع السلفية الجهادية، فلم يعد يكلم أو يخالط احدا وصار يعيش في عزلة".
وتؤكد امرأة تسكن قرب منزل عائلة العبدلي ان حسام "كان شابا لطيفا ويسلم على كل من يلتقي به، لكن منذ أكثر من عام اصبح لا يكلم احدا. وقد سألت والده عما حصل له، فأجابني بانه تغير منذ ان تديّن".
وتقول ان لحسام "اخت واحدة متزوجة". أما هو "فقد انقطع مبكرا عن التعليم الثانوي، وهو يعمل بائعا متجولا منذ فترة. عائلته مستورة (ماديا) وابوه بنى له مؤخرا طابقا فوق المنزل ليتزوج ويستقر فيه".
وتروي الجارة التي رفضت الكشف عن اسمها ان "الشرطة داهمت في اغسطس/آب الماضي منزل العائلة و"تم توقيف حسام ثم اطلق سراحه، وسمعنا وقتها انه كان سيسافر الى سوريا وأن وزارة الداخلية منعته من ذلك".
واكد الناطق الرسمي باسم نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل مهدي الشاوش الخميس في حديث الى تلفزيون "نسمة" الخاص ان قوات الامن داهمت في 20 آب/اغسطس الماضي منزل حسام العبدلي، وعثرت فيه على "برميل" يضم كتبا "تكفيرية" ووثائق تصف سياسيين تونسيين بـ"الطواغيت"، فتم توقيفه، ثم أفرجت عنه النيابة العامة.
- "ترصد" عناصر الامن -
واصيب في تفجير حافلة الامن الرئاسي عشرون شخصا بينهم عمر الخياطي (26 عاما) العريف أول في الأمن الرئاسي وجار حسام العبدلي.
ولا تستبعد عائلة عمر الخياطي ان يكون حسام "ترصد" الضحية قبل تنفيذ الهجوم الانتحاري، بينما قال مسؤول امني لفرانس برس ان العبدلي استغل عمله بائعا متجولا "للتمويه وترصد" منازل ضباط في الامن.
واضاف ان زوجة ضابط في الحرس الوطني يقطن في حي مجاور ضبطت خلال هذا الشهر حسام العبدلي وهو يصور منزلها بعدما خطّ عليه علامة باللون الازرق، مشيرا الى ان المراة تعرفت على الشاب بعدما نشرت السلطات صورته.