يتوقع مححلون اقتصاديون ان يكون للازمة بين السعودية وايران تاثيرات على اسعار النفط العالمية وكذلك على سياسة السعودية الداخلية التي تهدف الى تطبيق ععد من الاصلاحات الاقتصادية. ففي الميزانية المعلنة في ديسمبر/كانون أول الماضي رأينا لأول مرة الخطوات الأولى في خطة اقتصادية مهمة، ومن المتوقع إعلان بقيتها في يناير/كانون ثاني الجاري. والهدف هو ضمان تحقيق استقرار سياسي فيما تتأهب البلاد للمزيد من التراجع في أسعار النفط العالمية. ويقول الدكتور محمد الصبان، الاستشاري رفيع المستوى لوزارة البترول السعودية سابقا، متحدثا من الرياض إن هذه الاصلاحات "ضرورة وليست ترفا." ويوافق على ذلك إبراهيم الجردان، مدير تنمية الأعمال بشركة دايم الاستثمارية التي تتخذ من الرياض مقرا لها، قائلا لبي بي سي عربية :"النمو الاقتصادي يرتبط بقوة بالاستقرار السياسي والاجتماعي، وخاصة في هذا الجزء من العالم، وفي هذه الأوقات العصيبة." وقد أقدم الملك سلمان على خطوة شجاعة، إذ خاطر بعدم إرضاء المواطنين، بقيامه برفع أسعار البترول الرخيص المدعوم 40 بالمئة بين عشية وضحاها، فيما يتم الإعلان عن ميزانية ديسمبر/كانون أول الماضي. ومن المتوقع المزيد. فهناك خطط لتقليص دعم السلع الأخرى، وتقليص الزيادة في مرتبات القطاع العام والحد من اعتماد البلاد على البترول.
وتفاعلا مع الدول الاخرى المنتجة للبترول فإن السعودية لم تتخذ هذه الاصلاحات وهذه القرارات بصفة منفردة .كما يؤكد ذلك الدكتور محمد الصبان، المستشار البارز السابق لوزارة البترول السعودية حين يقول "تواصلت المملكة مع العديد من منتجي النفط الرئيسيين من أوبك وخارجها للتعاون بشأن تقليص الإنتاج لتحقيق استقرار السوق. وردودهم حتى الآن ليست إيجابية." رغم أن أسعار النفط المنخفضة تضر أيضا باقتصاد أعداء السعودية السياسيين وهم يعتزمون مواصلة الانتاج طالما تسمح حصتهم وقدراتهم على الشحن الا انها لها مبرراتها بالنسبة للسعودية كما تقول آن لويز هيتل، رئيسة تحليل سوق النفط في "وود ماكنزي" للاستشارات:" سياستهم السوقية لها منطقها، فليس لديهم ما يربحونه من التقليص."
ومن الانعكاسات الأخرى على حزمة الإصلاحات السعودية ستتأثر العمالة الأجنبية في المملكة ففي الشهر الماضي، قال وزير المالية السعودي إبراهيم العساف إن توظيف العمالة الأجنبية سيكون حاليا "انتقائيا أكثر". واللوائح المنفذة بالفعل تجعل أسهل للشركات أن تعيين سعوديين عن الأجانب. ومتحدثا من الرياض، قال لي توم إيشروود، مدير المشاريع رفيع المستوى بماكنزي :" أحد الحلول هو توظيف مزيد من السعوديين في قطاع السياحة، والذي يمثل فرصة للنمو لم تستغل، بتجاوز السياحة الدينية في مكة والمدينة إلى الشواطئ التي لم يتم تطويرها والمواقع المتنوعة في أنحاء البلاد."
محليا وفي المجتمع السعودي يتوقع مراقبون بان تكون لهذه الاصلاحات وقع قوي في بداية الامر على المواطن السعودي لكن الامر سينتهي بتفهم هذه الاصلاحات في النهاية حيث يقول أميت مرواش، رئيس الاستراتيجية والإستثمارات في شركة دايم التي تتخذ من الرياض مقرا لها متحدثا لبي بي سي عربية : "ربما يدفع تراجع أسعار النفط إلى تعجل الإصلاحات الإقتصادية، ولكنها لم تبدأ بسبب تراجع الأسعار، وهناك خطة استراتيجية مستمرة لإصلاح اقتصادي منذ فترة طويلة، ولكن السعوديين يتحركون بوتيرتهم."ويعتقد البعض أن التهديد بأن تدفع البطالة الشباب السعودي صغير السن للتطرف سيدفع الرياض إلى إسراع وتيرتها في عملية الإصلاح. وهناك بالفعل جيل جديد من سياسيين أصغر سنا يقودون الإصلاح، ومن بينهم ابن الملك المفضل، محمد بن سلمان البالغ من العمر 30 عاما.ومن هذا المنطلق، فإن تراجع أسعار النفط يتحول ليصبح نعمة أكثر منه نقمة لأنصار التغيير.