الرياض - إذا كان ولا بد من إصدار صفحة سوابق تستدل بها مجموعة الدول التي تعول كثيراً على تحسن السلوك الإيراني الذي يغلب طبعه تطبّعه، فلا مجال لإصلاح نظام تُعتبر الفوضى والطائفية جزءاً ممأسساً في تركيبته وبنيته وهيكلته.
لقد جاءت الوثيقة التي أصدرتها الخارجية السعودية مكونة من (58) انتهاكاً وتجاوزاً لتعرّي الإيرانيين أمام الرأي العام الدولي، وليس فقط أمام الحكومات الدولية، فالبعض من تلك الحكومات مقرٌ بصفة إيران المارقة، والداعمة للإرهاب، إلا أن من الواجب على المجتمعات في الدول الغربية، التنبّه من أن جيران إيران لم يسلموا من أذى هذا النظام وقلاقله، وبالتالي فالحذر واجب من الوثوق المبالغ فيه بمجرد توقيعه على الاتفاق النووي الذي يمنعه من تصنيع سلاح نووي، ولكنه لا يكبح جماح عنفه ولا يمنعه من التعدي على جيرانه، وإسرافه في أذاهم.
إن من الضروري التنبّه إلى أن الشعب الإيراني نفسه لم يسلم من تبعات الثورة الخمينية وتداعياتها حتى يومنا هذا، حتى أولئك الذين كانوا قريبين من دوائر صنع القرار، تأذّوا ولحق بهم ما يمكن أن نطالعه في دفاتر الثورة، وما تلاها من تهميش وترهيب وإقصاء لكل مخالف.. وإن من الضروري على المجتمع الدولي ألا يتخيّل أن النظام الإيراني سيفتح صفحة جديدة مع الغرب والمجتمع الدولي إذا لم يكن قادراً على أن يقوم بالفعل ذاته مع جيرانه.. فالأقربون أولى بالمعروف.
في هذا الوقت لا يمكن لإيران تسجيل حادثة واحدة ضد المملكة أو دول الخليج أو أحد جيرانها تتهمهم فيها بالتعدي عليها، أو التدخّل في شؤونها، أو العمل على تفكيك المجتمع داخلها، فهذه مفردات لا تؤمن بها الدول التي تصنع الازدهار وتؤمن بالتنمية من أجل مستقبل أجيالها، وتدرك أن الشرر عندما يصيب جارك لا بد أن يؤذيك، ولا نعرف في واقع الأمر الدافع وراء كل هذه الكراهية والرغبة الانتقامية التي دأبت عليها إيران.. إن القوة والتأثير والقدرة على الوصول لا تمر بالضرورة من خلال سياسة العنف والتصعيد، بل إن السلمية والتحضّر والتطلع للنمو والارتقاء وتحقيقه هو سلاح فتاك وطريق مختصر للسيادة.
إن ما عرضته الخارجية السعودية يمكن أن يكون جزءاً بسيطاً مما وثّقه الجانب السعودي.. ولو أخرجت كل دولة عربية ما في جعبتها وأرشيفها وما وضعت عليه يدها مما يدين النظام الإيراني، لذهل أولئك المؤمنون بإصلاح نظام أخذ على عاتقه تصدير ثورة البؤس وأتقن حرفة صناعة المليشيات.