رغم ان إدارة الرئيس الأمريكي اوباما تعتبر ان الاتفاق النووي الموقع مع ايران هو نجاح ديبلوماسي يحسب لها بما انه سيساهم في نزع فتيل أزمة خطرة بين إيران والمجتمع الدولي، ويؤخر فترة تجاوز إيران للعتبة النووية، كما انه يُظهر مهارة الولايات المتحدة في تنفيذ عملية دبولماسية وعسكرية واقتصادية واستخباراتية متطورة. إلا أن هذه الرؤية الأمريكية المبنية على إبداء حسن النوايا تجاه إيران تشوبها كثير من الانطباعية وتفتقرالى الحكمة والعقلانية كما يؤكد جيمس جيفري المحلل الأمريكي في موقع واشنطن.
يقول جيفري انه وعلى على الرغم من أنّ الاتفاق النووي مفيد ولا بد من الاحتفال بتحرير المحتجزين والبحارة، إلا أن هناك حدوداً لما يمكن قراءته جراء هذه التطورات. فإيران لم تقدم للولايات المتحدة أي خدمة في توقيعها على هذا الاتفاق. فهو ينهي العقوبات المفروضة عليها وسيعود عليها بما يصل إلى 100 مليار دولار من عائدات مبيعات النفط الماضية مقابل فرض قيود على عمليات تخصيبها لليورانيوم (وليس إيقافها) وعدم الاعتراف بمخالفاتها على الرغم من وجود أدلة وفيرة حولها.
ويذهب المحلل الأمريكي إلى أن الاتفاق لن يؤدي بمفرده إلى تهدئة الشرق الأوسط الذي لا ينفك يزداد عنفاً واختلالاً وظيفياً. ويعود السبب في ذلك إلى أن سعي إيران للهيمنة الإقليمية من خلال الحرب غير المتكافئة والإرهاب والترويع هو من العوامل الرئيسية المسرّعة لمشاكل المنطقة.
ورغم تأكيدات الإدارة الأمريكية على أهمية هذا الاتفاق على لسان نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي قال بان ، " الاتفاق النووي كان مشابهاً لاتفاقيات الحد من التسلح مع الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة - التي كانت مفيدة ومعززة للاستقرار لكنّها لم تغيّر قواعد اللعبة بشكل استراتيجي في مواجهة الأيديولوجية والعدائية السوفياتية". وكذلك تصريحات الرئيس باراك أوباما لتوماس فريدمان في 5 نيسان/أبريل عن "احتمال تغيّر إيران" إلا أن قلّة من الأدلة تشير إلى أن القيادة المتشددة المحيطة بالمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي مهتمة بالتقارب مع الولايات المتحدة، بل على العكس من ذلك وفقاً لما تبيّنه تجارب الصواريخ الباليستية الإيرانية الأخيرة، وعملية إذلال البحارة الأمريكيين المحتجزين والسلوك الإيراني في سوريا.
ومن المؤكد أنّ شركاء الولايات المتحدة الإقليميين لا يرون أن إيران ستتغير في أي وقت قريب. لهذا السبب تعمل الرياض وتل أبيب وأنقرة، وهي أقوى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، على نحو متزايد من تلقاء نفسها لاحتواء إيران وحليفتها الجديدة، روسيا، وفي كثير من الأحيان بطرق خطرة بطبيعتها من دون قيادة أمريكية.
إذا اختارت الإدارة الأمريكية عدم مواجهة إيران، إما بغية تشجيع تحول غير مرجح يُزعم أنه سينجم عن الاتفاق أو بهدف "إنقاذ" الاتفاق وإرثها، سيؤدي ذلك إلى القضاء على الاستقرار، بدلاً من تعزيزه، في منطقة حيوية ولكن خطيرة.