الرياض - ماضي العالم العربي أفضل من حاضره.. معظم دول العالم الثالث انطلقت من ضعف واقع ماضيها -في حدود الستين عاماً الماضية تقريباً- إلى الاتجاه نحو مزيد من الانفتاح.. وأمامنا في تلك الانطلاقة مجموعة من دول العالم العربي آنذاك في مقدمتها مصر الأكثر حداثة، ثم العراق والشام ولبنان والمغرب العربي..
في مصر بدأ نجيب محفوظ الكتابة منذ بداية الأربعينيات الميلادية، وكانت أولى رواياته عبث الأقدار ثم (رادوبيس) حيث كانت روايات تخيّلية عن زمن الفراعنة.. ثم تطور بعد ذلك في رواياته، رغم أنه توقف لسنوات، حيث عمل ككاتب سينمائي «سيناريست» بعد أن اكتشف موهبته وزير الثقافة المصري السابق ثروت عكاشة، وهو شخصية مثقفة ونشيطة، حيث تبنى بدايات نجيب محفوظ عبر مؤسسة السينما المصرية، في وقت كانت مصر تمتلئ بالأدباء والكتّاب الكبار..
كان من أبرز كتّاب تلك الفترة يوسف إدريس الذي اشتهر بجرأة كتاباته، وإحسان عبدالقدوس الذي كانت المرأة قضيته الأدبية، ويوسف السباعي صاحب النهايات الحزينة.. لكن نجيب محفوظ كان يختلف عنهم بسلاسة أسلوبه حين يأخذك معه إلى وصف المكان والناس في ملبسهم وملمحهم وأسلوبهم.. والأهم تعمّقه في تعقّد الشخصيات وتضاربها واختلافها؛ حتى ترى المجتمع كلوحة فنية متجانسة عبره.. ولذلك أُعجب به العالم، وزاره الكاتب الأمريكي آرثر ميلر، ثم فاز بجائزة نوبل للآداب، واعترف نجيب محفوظ بأن فوزه كان نتاج بيئة تعليمية وثقافية عالية عاصرها في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي..
فعلاً كانت النخبة المتعلمة في العالم العربي في تلك الفترة لا تقل عن نظيرتها الأوروبية من تعليم وصحافة ومسرح وسينما، إلى أن جاء حكم العسكر في العالم العربي فغابت شمس المعرفة.. وللأسف ظهرت غيوم الجهل والتطرف الأصولي في العالم العربي الذي شوّه صورة الإسلام وواقع العالم العربي..