2016-02-08 

بين الواقع الإيراني وصفقة الإيرباص

عبدالله محمد الشيبة

الاتحاد - يعكس واقع حال الداخل الإيراني أوضاعا مزرية للغاية، وتؤكد المؤشرات أن إصلاحها ليس ضمن أولويات نظام الحكم هناك. فالخطة الخمسية الحالية للحكومة الإيرانية من العام 2016 – 2021 ترتكز على ثلاثة أسس هي تطوير اقتصاد مرن، إحراز تقدم في العلوم والتقنية، والتميز في الثقافة. والملاحظ أنها تجاهلت تماماً أي أهداف خاصة برفع مستوى المعيشة للمواطن الإيراني، أو إصلاح الوضع الاجتماعي أو تطوير البنية التحتية وخاصة بعد رفع العقوبات الاقتصادية الدولية وعودة الأرصدة المجمدة لنظام الحكم هناك. ومؤشرات ذلك واضحة.

 

فإيران حسب التقارير الدولية تأتي ضمن أعلى الدول في معدلات البطالة، والتي بلغت في العام 2014 قرابة 11.5%. كما تنتشر البطالة بين النساء الإيرانيات مقارنة بالرجال، وذلك بمعدل 20.3 % و9% تقريباً على التوالي. في إيران أيضا يرتفع معدل الفقر إذ أشار تقرير دولي نُشر عام 2014 إلى أن ما بين 44.5 إلى 55 % من المواطنين الإيرانيين في المناطق الحضرية يعيشون تحت خط الفقر. أضف إلى ذلك إعلان وزير العمل والرعاية الاجتماعية، «علي رابي»، في العام الماضي أن 12 مليون مواطن إيراني يعانون من «فقر الطعام». ومن ناحية أخرى فإن ما يناهز 78 % من الشعب الإيراني يعانون نقص الفواكه والخضروات بناء على تصريح نائب وزير الصحة «علي أكبر سياري» في عام 2015. وتنتشر في إيران أيضاً ظاهرة عمل الأطفال في سن صغيرة وتهريبهم بل وبيعهم بمجرد ولادتهم لأن والديهم لا يستطيعون تحمل نفقات إطعامهم. أما العائلات التي تقوم بتربية أطفالهم بعد الولادة فإن بعضهم يضطر إلى إخراجهم للتسول في الشوارع ما بين 3 و 14 من العمر. وتشتهر إيران أيضا بأنها مصدر رئيسي في المنطقة لتهريب النساء.

 
 
 

من جانب آخر، تمتلك إيران واحدة من أفقر البنى التحتية في المنطقة ومن أمثلة ذلك أن شبكة الطرق هناك يبلغ طولها 140.200 ألف كيلو متر تقريباً، وتضم نحو 49.500 ألف كيلو متر طريقا معبدة فقط. كما تشير التقارير الدولية إلى أن طهران تعتبر من أسوأ مدن العالم تلوثاً. ويعاني المجتمع الإيراني أيضاً من انتشار ظاهرة الإدمان على المخدرات، إذ بلغ عدد المدمنين في عام 2011 ما يقارب مليون ومائتي ألف مواطن إيراني. بينما ارتفع هذا الرقم في عام 2014 لثلاثة ملايين مدمن حسب القيادة العامة للتحكم في الإدمان. وتبلغ نسبة المواطنين الإيرانيين المسجونين بتهم تتعلق بالمخدرات 40% من إجمالي المساجين الإيرانيين كما أن إيران ممر رئيسي لتهريب المخدرات في المنطقة. وفي عام 2012 تم تصنيف إيران في المرتبة الـ 133 بين دول العالم في معيار الشفافية. ومن أبرز أمثلة الفساد الحكومي في إيران، ما أعلنه «محمود بهماني» محافظ المصرف المركزي في أواخر عام 2013 أن رموز النظام يستوردون أعدادا هائلة من السيارات الفاخرة تحت غطاء استيراد أدوية ومنتجات أساسية أخرى.

 

يأتي هذا كله في الوقت الذي تشير فيه التقارير الدولية إلى أن اقتصاد إيران يأتي في المرتبة الثانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد الشقيقة المملكة العربية السعودية، وبإجمالي ناتج محلي في عام 2014 يقدر بـ 406 مليارات دولار. ومؤخراً أيضاً، وبمجرد أن تم رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران بناء على الاتفاق النووي بينها وبين الدول الكبرى، سارع الرئيس الإيراني حسن روحاني بزيارة فرنسا حيث تم الإعلان عن صفقة ضخمة لشراء 118 طائرة إيرباص تقدر بحوالي 27 مليار دولار وكأن الطائرات التي سيتم استلامها خلال عقد من الزمان أهم لدى رموز الحكم من إصلاح الأوضاع الداخلية ورفع مستوى المعيشة للإيرانيين ومواجهة التحديات الاجتماعية والقضاء على البطالة والفقر والإدمان.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه