الاتحاد - دونالد جون ترامب رجل أعمال وملياردير ومرشح رئاسي للانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، ولد لأحد أكبر الأثرياء وملاك العقار في مدينة نيويورك، وبنى إمبراطورية عقارية وترفيهية خاصة به، وتصل ثروته الحالية إلى ما يعادل 4 مليارات دولار، فهو يمثل العقلية الأميركية بكل تناقضاتها وتعاملها مع الحياة، وحتماً ستأتي منافسة شرسة من حزبه «الجمهوري» من منافسين مثل «تيد كروز» و«ماركو روبيو»، وستقود هيلاري كلينتون «وبيرني ساندرز» صناديق الاقتراع في الحزب «الديمقراطي»، وأستبعد شخصياً كلاً من «مارتن أومالي» أو «جيب بوش» للفوز بكرسي الرئاسة، وسيتقدم بعض المرشحين بالأصوات على دونالد في العديد من الولايات ولكن في التصويت الشعبي العام لا يوجد من يملك حضوراً وكاريزما «ترامب» ومهارته في بيع الأمل.
والسباق إلى البيت الأبيض صناعة إعلامية وإدارة ماهرة لسيكولوجيا الجمهور وعقد الصفقات من اللوبيات الصناعية والتجارية والمالية، وتأتي السياسة فيه في المرتبة الثالثة فمن يملك النقاء الأيديولوجي سواء على اليمين أو اليسار والقدرة على إقناع الناخبين بأنه أو بأنها الجواب على ما تحتاجه أميركا في عصر ما بعد الحقيقة من السياسة، سيفوز حتماً وبفارق سيفاجئ المراقبين.
فما هي الأسباب التي تجعلني أتوقع فوز دونالد ترامب؟ أولاً «ترامب» لم يمنح الناس فرصة التفكير وتكوين أرضية مشتركة مع توجهاته وأطروحاته، والناس إما أن تحب أو تكره دونالد وفي نهاية المطاف سيقارنه حتى من يكره مع مرشحه كونه أثار فيه فضولاً غير مشبع، وهنا يقع في فخ الشك في أنه اتخذ القرار السليم لما هو أفضل لأميركا، ولربما عكس تصويته في آخر لحظة. والأمر الآخر أن «دونالد» رجل أعمال يتقن فن الدعاية والإعلان، ويعرف كيف يسوق لنفسه كسلعة رابحة لها قيمة عالية وليس شخصا مرشحا للرئاسة فقط، والأمر الآخر في العقلية الأميركية التي تعشق شخصية المغامر غير المرشح، والذي يكسر جميع القواعد وينتصر. وشخصية المنتصر هي جزء من ثقافة المجتمع الأميركي، جعلت العديد من الذين لا يتبعون السياسة، يفكرون في التصويت هذه السنة كون «دونالد ترامب» من المشاهير، ووجه مألوف في البيوت من خلال برامجه التلفزيونية. وبالرغم من ثرائه الفاحش، يتحدث كواحد من عامة الشعب، ويقول ما يدور بباله دون تردد، وهي صفات تجعله مختلفاً عن الشخص السياسي المتملق في نظر الكثيرين والذي يعتقد بأنه يردد شعارات وقيم يتبناها من أجل الحملة الانتخابية فقط.
ومن الأسباب المهمة الأخرى أن «دونالد ترامب» بثرائه يمكنه تمويل حملته الانتخابية الرئاسية، وهو نشط جداً على مواقع التواصل الاجتماعي، ويدخل في مشادات كلامية مع شخصيات معروفة عالمية، مدافعاً عن قيم المجتمع الأميركي الصناعي وشخصية الأميركي الذي يعمل ويكدح يومياً، من أجل لقمة العيش، وذلك يروق لجيل الشباب الأميركي ممن هم دون سن الخامسة والثلاثين. كما أن «ترامب» يتمتع بجاذبية داخل الحزب، ويوصف بأنه يتحدث بصراحة عن رأيه، ويتحدث من القلب، وهو واضح في مواقفه بشأن القضايا الرئيسة، ومن سيكون أفضل منه في إدارة الميزانيات، وجعل الخيارات الصعبة تبدو سهلة، وهو الذي اعتاد على اتخاذ القرارات الصعبة دون تردد، ولم يهتز عندما كان يخسر المبالغ الطائلة، ويتعافى بطريقه تثير الإعجاب.
فالعالم مقبل على أزمات مالية ففي من سيثق الناخب الأميركي؟ في رجل أعمال له تجربة طويلة في إدارة الأزمات المالية، أم سياسي يجيد الوعود وإدارة ملفات سياسية يمكن أن يديرها غيره بكفاءة أقل بعض الشيء ولكن نتائجها لا تكون كارثية كسوء إدارة الأزمات المالية العالمية؟ والشيق في الأمر أن «ترامب» يحصل على تغطية منقطعة النظير من الإعلام كون تصريحاته مادة دسمة يترقبها الناس بلهفة، ولا يمكنك شراء صحيفة أو تشغيل برنامج للأخبار أو السياسة في أميركا دون مشاهدة اقتباس أو تصريح مسجل من «ترامب» يتابعه الملايين من الناخبين من دون الحاجة إلى إنفاق الملايين من الدولارات في حملة إعلانات لتوصيل رسائله لهم.
والسؤال المحوري هل لدى «ترامب» رؤية وخطط قابلة للتنفيذ لجعل أميركا بلداً عظيما مرة أخرى، والجواب هو نعم وهو ماهر كمتحدث يركز على أنماط الفكر الأميركي، وما يشغل بال كل طبقة، فتجده واثقاً في نفسه في خطاباته، ويتحدث وكأن الأمر قابل للتطبيق غداً.. وفي النهاية سنرى لمن سيصوت الأميركان: لسياسة تقليدية وتفوز هيلاري كلينتون، أم يفوز الحلم الأميركي؟