العرب - لسنا استثناء ولم نعد نملك قضية مركزية تهم العرب. قسمنا أنفسنا إلى أشلاء ممزقة بين حدود مجزأة لألف حاجز وحاجز، وأخرى مبعثرة بأنفاق لا ترى من الهواء نسمة. نحن مفلسون سياسيا واقتصاديا واعتدنا على طرق الأبواب العربية والدولية من أجل حاجة لا تحتاجها سلطتنا إلا لجيوب قادتها.
أخيرا نجح غيرنا في لملمة بقايانا، ولم ننجح في طيّ صفحة مآسينا. الانقسام الفلسطيني ليس عبارة عن لوحة زيتية لتزيين خرائط السياسة القديمة والجديدة لفتح وحماس، بل الانقسام خرّب ودمر كل لغة للتواصل بين أبناء الوطن الواحد، حتى أن الزواج أصبح مسألة حزبية.
والرجل الصالح في رام الله لا يعني بالضرورة أنه فاسد في غزة أو العكس، الاثنان يشبهان بعضهما، لا فرق بين لحية بيضاء وشعر رأس أبيض. الاثنان لا يحملان صكوك الغفران ولن يضمنا دخولنا الجنة. ولن ننتصر ما داما يفكران بعقلية “التخلف واللامبالاة” في هموم الشعب. الاثنان مريضان بالسلطة والكرسيّ والجاه ومراسم حرس الشرف الرئاسي. هما بحاجة إلى “مصالحة من أجل المصلحة”، هذه المصلحة تقتضي منهما إطلاق شعارات من باب مجاملة نفسيهما بأنهما قادران على إتمام مصالحة كاذبة تحقق المنفعة الاقتصادية لخزينة سلطتيهما.
في نهاية الاتفاق بينهما سيقتتلان ويقتلان أحلام أطفال المخيم بإنهاء الانقسام وسيحطمان مرة أخرى شعار “الدولة على مرمى حجر”. اعتدنا عليهما في الهزيمة. فهما لا يعيشان إلا في الهزائم. لا فرق في نرجسية المناصب بين رام الله وغزة. واحد لا يقدر على المرور عبر حاجز من دون تصريح، والآخر لا يستطيع عبور الحاجز. وفي نهاية الأمر يتحدثان عن “انتصار وآخر”. مللنا كثيرا من “الانتصارات الرمزية”.
حماس مفلسة سياسيا وتريد انتصارات مصلحية لا تبقي إلا على اسم حزبها السياسي ومكانتها التي حفرتها بدماء الغزاويين بتأكيدها أنها تمتلك سلطة مطلقة في قطاع غزة، وتقبض على أنفاس أكثر من مليون و700 ألف نسمة. في المقابل ماذا فعل رئيس سلطة محرومة من الصلاحيات. لا شيء سوى إطلاق رصاصات في سماء المفاوضات “العبثية”. لسنا أصحاب دولة (هنا المقصود الساسة) ولسنا استثناء في التدمير، محيطنا يشبهنا كثيرا في تفاصيل الدمار، فقط أسماء المدن تغيرت، نحن تغيرنا وقادتنا مازالوا لم يتغيروا.