الاتحاد - في عام 1979 خرج الملايين من الشعب الإيراني ضد حكم الشاه منادين بشعار: «استقلالية، حرية، جمهورية إسلامية» حيث اعترضوا على الطبيعة الاستبدادية للحكم البهلوي. ولكن ما إن آلت مقاليد الحكم للخميني وزمرته حتى تأكدنا في دول الخليج العربي أن نظام الحكم ما بعد ثورة الخميني لم يختلف عن ما سبقه فيما يتعلق باستراتيجية إيران التوسعية. كما أن تياري المحافظين والإصلاحيين في إيران هما وجهان لعملة واحدة، حيث يقومان بتنفيذ نفس السياسة الخارجية الرامية إلى إثارة الفتن والقلاقل بل واحتلال أرض الجيران.
فالشاه الإيراني قام عشية الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971 باحتلال جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزء من جزيرة أبو موسى ثم جاء من أطلق على نفسه «الزعيم الإصلاحي» وهو علي أكبر هاشمي رفسنجاني واستكمل في عام 1992 احتلال كامل جزيرة أبو موسى. ولمن لا يعلم من أبناء الجيل الحالي من مواطني الدولة، فجزيرة أبو موسى التي تحتل موقعاً استراتيجياً وجغرافياً مهماً في الخليج العربي، تبعد 60 كيلو متراً عن الشارقة، وتقدر مساحتها بنحو عشرين كيلو متراً مربعاً، وتمتلك ثروات اقتصادية ضخمة من النفط والأكسيد الأحمر وغيرهما. أما جزيرة طنب الكبرى فتبعد عن إمارة رأس الخيمة نحو 75 كيلو متراً، وهي جزيرة صخرية غنية بالمعادن، ويمر بهذه الجزيرة خطا الملاحة بالخليج العربي. وجزيرة طنب الصغرى طولها كيلومتر واحد وعرضها 700 متر، وتقع إلى الغرب من جزيرة طنب الكبرى وتبعد عنها حوالي 10 كيلو مترات. وتكتسي الجزر الثلاث أهمية استراتيجية كبرى فيما يتعلق بالإشراف على حركة المرور الملاحية في الخليج العربي.
وتتجاهل إيران، عن عمد، حقائق التاريخ والسيادة الوطنية بل وشهادة بريطانيا التي كانت تحتل أجزاء شاسعة من المنطقة قبل انسحابها منها في العام 1971. فإمارتا الشارقة ورأس الخيمة هما الوحيدتان اللتان مارستا كل مظاهر السيادة الوطنية على الجزر قبل قيام دولة الاتحاد. وأمثلة ذلك رفع أعلام الشارقة ورأس الخيمة على الجزر الثلاث، وتطبيق قوانين وأنظمة الإمارتيين في الجزر وتمتع مواطني الجزر بجنسية الشارقة ورأس الخيمة، وتمتع حكومتي الإمارتين بكافة الصلاحيات في منح امتيازات استخراج الثروات المعدنية والنفطية في الجزر.
ويكشف التاريخ أن هذه الجزر الثلاث كانت ملكاً للشيوخ القواسم العرب. وبالرغم من أن بريطانيا فرضت الحماية على حكام الخليج العربي ومنهم شيوخ القواسم، إلا أن الجزر الثلاث ظلت تحت حكم إمارتي الشارقة ورأس الخيمة، بل إنه في عام 1930 رفض حاكما رأس الخيمة والشارقة طلباً من الحكومة الفارسية بواسطة بريطانيا شراء جزيرتي طنب. فكيف يملك حق البيع من لا يمتلك؟ وكيف تتوسط بريطانيا للسماح للفرس بشراء الجزر وهي تعلم أنهم يمتلكونها؟ وبعد العام 1971، ورثت دولة الإمارات حقوق والتزامات الإمارات السبع المكونة لدولة الاتحاد قبل قيام الاتحاد، وهي بذلك قد ورثت حقوق والتزامات إمارتي الشارقة ورأس الخيمة على الجزر الثلاث ولم تعد قضية محلية تخص السلطات المحلية لأي من إمارتي الشارقة ورأس الخيمة.
ورغم التعنت الإيراني في الاستجابة لصوت العقل وحق الجوار فإن دولة الإمارات لم تقابل الاحتلال الفارسي لأرضها إلا بسياسة تهدف لاحتواء الأزمة ومظاهر ذلك عديدة منها على سبيل المثال تعدد النداءات والدعوات للقيادة الإيرانية للتحلي بالعدالة والاستجابة لمطلب حل الأزمة بالطرق السلمية. كما أن إيران تتمتع بمعدلات تجارة خارجية مرتفعة مع دولة الإمارات وتكاد تكون تلك المعدلات الأعلى بين مثيلاتها بين إيران وبقية دول المنطقة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تذعن القيادة الإيرانية وتنأى بنفسها عن الاستبداد والاحتلال وتعيد الجزر المحتلة لوطنها الأم وتطبق مبادئ حسن الجوار؟