2016-02-28 

عدو الله دمر لبنان

سالم حميد

الاتحاد - قرار المملكة العربية السعودية بحجب المساعدات المالية التي كانت تمنحها للجيش والأمن اللبناني جاء في الوقت المناسب، وإنْ كان البعض يعتبر أنه تأخر نتيجة لتعاطف المملكة الإنساني مع الشعب اللبناني وحرصها على دعم جيش لبنان ومؤسسته الأمنية الرسمية. وفي السياسة كل الأوراق متاحة عندما يتطلب الأمر استخدامها، والقرار السعودي اتخذ بعد صبر طويل، إلى أن تطلب الواقع التحرك للضغط من أجل وضع حد لما يحدث في لبنان من تسليم للدولة وتجيير مواقفها لرغبات حزب طائفي مسلح، يعمل في سبيل خدمة أجندة طائفية إيرانية، وفي المقابل يتجاهل مصالح لبنان ولا يتردد في القفز على رقاب اللبنانيين ودولتهم عبر ممثليه وأعوانه في الوزارات السيادية.

 

جاء قرار المملكة المدعوم إماراتياً وخليجياً بعد أن تكرر خذلان الحكومة اللبنانية للإجماع العربي في قضايا مختلفة، وبحجة النأي بالنفس عن عمل «حزب الله» عبر اختراقه لمؤسسات الدولة اللبنانية على وضع قرار لبنان في متناول طهران، وبدورها تضع طهران صوت لبنان في ثلاجة الصمت عندما يكون الصمت في مصلحتها، ثم تحثه على الكلام وإطلاق مواقف تخدم سياستها عندما تحتاج إلى تفعيله واستغلاله بمرونة وازدواجية. ولم تنكسر قاعدة الحياد والنأي عن النفس في لبنان خلال هذه الفترة إلا متى ما أرادت إيران تمرير مواقف وتدخلات عبر الصوت الرسمي اللبناني. إلى درجة أن بعض التعليقات الصحفية ذهبت إلى القول بأن المعني بحقيبة الخارجية ظهر في مناسبات عديدة أشبه ما يكون بسفير لـ«حزب الله» فقط وليس ممثلاً للدبلوماسية اللبنانية.

 

البيت الخليجي دعم قرار المملكة وعززه بإجراءات تتسق مع التلاحم الخليجي، الذي بلغ ذروته بتشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وتجاوبت دولة الإمارات العربية المتحدة سريعاً مع القرار، وأعلنت عن منع المواطنين الإماراتيين من السفر إلى لبنان، كما قامت الإمارات بتخفيض بعثتها الدبلوماسية في بيروت.

 
 
 

خلفيات الموقف الخليجي المؤيد لخطوة المملكة العربية السعودية يعلمها الجميع، فقد مضت عقود والمشهد السياسي في لبنان يواجه حالة من اختطاف قرار الدولة اللبنانية وتعطيل دورها الإيجابي وإبعادها عن محيطها العربي، تحت ضغط الميول الطائفية لما يسمى بـ«حزب الله»، على خلفيه إدمانه الولاء المطلق لإيران وجعله في مقدمة أولوياته، على حساب عروبة لبنان واستقرار شعبها الشقيق.

 

هناك تراكمات وأحداث جعلت الضرر يتجاوز التأثير على استقلال الموقف اللبناني تجاه العديد من القضايا التي تحقق حولها إجماع عربي، حيث استمر فريق لبناني بعينه في اعتبار بيروت منصة ملزمة بترويج السياسة الإيرانية وتبني شعاراتها وأهدافها، بل والعمل بشكل مباشر على تنفيذ مخططاتها.

 

وبعيداً عن الأداء الإعلامي الذي يستنسخه «حزب الله» في بيروت بحذافيره من طهران، جندت إيران كذلك كامل طاقات حليفها اللبناني للتدخل الميداني في سوريا، إلى جانب دعم «الحوثيين» الانقلابين في اليمن. وتصريحات الحكومة اليمنية الشرعية أكدت أكثر من مرة تورط «حزب الله» بشكل مباشر بالقتال مع الميليشيات «الحوثية» والتواجد في نقاط التمركز التي ينطلق منها ترتيب عمليات التسلُّل والتخريب في الحدود السعودية، مع وجود وثائق وأدلة قطعية تثبت هذا التدخل. ناهيك عن قوارب وسفن شحنات السلاح التي حاولت إيران تهريبها إلى اليمن في أوقات سابقة، من قبل أن ينطلق التحالف العربي لدحر الانقلابين«الحوثيين» ويحرمهم من الدعم الإيراني. وفي الوقت الذي أعلنت طهران بزهو على لسان أحد المسؤولين أنها متواجدة في أربع عواصم عربية، كان ذراعها الطائفي في الضاحية الجنوبية لبيروت يواصل إشباع الغرور الإيراني عبر ممارسات ومواقف متماهية مع جشع طهران وسياستها التي تعتمد أكل الثوم بأفواه الآخرين.

 

محاولات طهران الدؤوبة في الإبقاء على القرار اللبناني رهن الاختطاف وصلت إلى درجة امتناع الخارجية اللبنانية عن إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد. لذلك من الطبيعي أن يتوجه الحزم الخليجي ضد عملاء إيران في المنطقة إلى ما بعد اليمن.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه