العرب - آخر شيء يتمناه أي إنسان عربي هو أن يكون وقف إطلاق النار في سوريا بداية لحرب في لبنان. إن إعلان وزراء الداخلية العرب حزب الله" اللبناني منظمة إرهابية لن يقف عند هذا الحد بل ستعقبه خطوات تصعيدية أكبر. من الممكن ضرب حزب الله بطائرات التحالف العربي الإسلامي، وممكن حرب أهلية لبنانية، إذا استمر حزب الله وأمينه العام بالهجوم اليومي على المملكة. يجب أن يعرف السيد حسن نصرالله بأن خطاباته تعتبرها السعودية حربا، وهي فعلا كذلك.
لماذا زعيم حزب صغير في بلد عربي صغير يهاجم دولة عربية كبيرة. ما هو شعور المواطن اللبناني حيال شيء كهذا؟ لماذا لا يترك إيران تتعامل مع السعودية؟ دع المسؤول الإيراني يصرح. لماذا كل يوم خطاب ضد المملكة؟ هل ميليشياتك تتحمل ضربة المملكة؟ ثم أن خطابا واحدا يهاجم السعودية مرة واحدة وكفى، لماذا كل يوم خطاب ضد السعودية ما الغاية؟
زعيم حزب يسمعه الآلاف، عندما يهاجم المملكة ويتدخل بشؤونها الداخلية وسياستها الخارجية بهذا الشكل المتكرر، فهذا إعلان حرب. السيد جواد ظريف وزير خارجية إيران يدعو السعودية للتفاهم، وقد صرح في مؤتمر ميونيخ للأمن "نعتقد أنه لا يوجد أي شيء في منطقتنا يمنع إيران والسعودية من العمل معا لتحقيق مستقبل أفضل لنا جميعا" بينما نصرالله بكل أسف كان يدفع بلبنان إلى المواجهة مع السعودية. الحرب على السعودية فاشلة، فكل السنة سيقفون مع السعودية لأنها ذات ثقل رمزي إسلامي واقتصادي عالمي. لابد من حل سياسي لمشكلة من هذا النوع. الجيش السعودي يملك أسلحة متطورة بمئات المليارات من الدولارات وأثبتت عاصفة الحزم بأن المملكة لا تتردد في استخدام تلك الأسلحة اذا تهدد أمنها.
إيران من جهة أخرى تسعى إلى التهدئة فهي لا تريد خوض حرب جديدة كما يبدو. المواطن الايراني سعيد بالخروج من العقوبات والدول "الشريرة" وتسعى إيران لتحقيق مكاسب اقتصادية، إلا أنها أيضا تسعى إلى ذلك بمخططات "شيطانية". السعودية منتبهة جدا اليوم لمخططات إيران وتحالفاتها مع أصدقاء داخل مجلس التعاون نفسه. فسلطنة عمان وإيران تعقدان صفقات الهدف منها اليمن.
صفقة باستيراد الغاز الإيراني المسال وتصديره من موانئ عُمان، ومشروع مشترك لمد أنابيب غاز تحت مياه الخليج. عمان تقوم بتطوير وتوسعة موانئها لتكون الشريك الخليجي الأكبر لطهران. توقيع عقد لسد احتياجات السلطنة من الغاز الإيراني بقيمة 60 بليون دولار لمدة 25 سنة. إيران تنهض نهضة قوية، فرص عمل ومشاريع ضخمة وطموحات، وخطط تنمية من خمس وعشرين إلى خمسين سنة. الحكم الإباضي في عمان هو خط الوصل الجغرافي بين إيران واليمن، وطبعا إيران تسعى إلى تشغيل اليمنيين في مشاريعها الاقتصادية القادمة. العامل اليمني والمشاريع الإيرانية والوسيط العماني. المشروع الشيعي هو فرص عمل أيضاً. يحدث هذا بعد أن اتخذت كل من البحرين والسعودية قرارا صارما بمنع السفن التي ترفع العلم الايراني دخول موانئها.
المملكة ترسل برسالة واضحة للجميع بأن هذه المخططات لا يمكن أن تمر. حتى الدولة الشقيقة التي تذهب بعيدا في التآمر مع ايران، فهي معرضة لثورات داخلية من شعبها نفسه، في حال تم تهديد المملكة والاسلام السني بشكل جدي. سوف يتفاجأ الجميع بقوة السعودية وقدرتها على تحشيد المسلمين في الأوقات الحرجة. عقود طويلة والسعودية تدعم المسجد حول العالم لماذا؟ لأن هذا ما ستعتمد عليه في الأوقات المصيرية، فليس الليبراليون والقوميون -رغم دعم السعودية الكبير لهم أيضا- ممَّن يُعتمد عليهم في الأمور الجلل والنوازل.
في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز أنفقت السعودية على الدعوة الوهابية حول العالم 87 مليار دولار شملت 210 مدارس إسلامية، و1500 مسجد، و2000 مدرسة دينية حول العالم. وفي العالم 2013 ذكرت صحيفة هندية أن السعودية أطلقت برنامجا بقيمة 35 مليار دولار لإنفاقها على مساجد ومدارس دينية في كافة ارجاء جنوب آسيا، وهي منطقة تضم بليون مسلم من أصل 1.6 بليون مسلم حول العالم. أرجو أن لا يكون هناك تشوش في حقيقة وزن السعودية الاسلامي، وليس من الحكمة اختبار ذلك. خصوصا وأن سياسة المملكة حكيمة وعاقلة وتجنح الى السلم عبر تاريخها.
هذه ورقة إلى العقلاء في لبنان فما زالت هناك فرصة، والسعودية تمنح المخطئ فرصة اذا كان صادقا في رغبته بالتصحيح. إيران لن تنجد حزب الله، وسيقع البلد في مصير مشابه لسوريا. فلينظر أحدكم الى مدن الجنوب الجميلة التي عمرتها الأموال الخليجية بعد حرب 2006 ولينظر بعدها الى صور حمص وحلب اليوم. إن هدم العلويين والإيرانيين لمدن سنية تاريخية في سوريا، قد يقابله هدم مدن شيعية بلبنان. لا طاقة لحزب الله بغضب السعودية ووزنها الإسلامي العالمي، والاعتراف بالخطأ والاعتذار السياسي ليس عيبا اذا كان في مصلحة الوطن وحياة شعبك. الشعب الايراني مقبل على انفتاح وإصلاحات وطفرة اقتصادية، بينما لبنان مقبل على حرب أهلية وإقليمية مدمرة، هل هذا تصرف حكيم يا سيد حسن؟
نحن بصراحة كسنة العراق ليس عندنا مانع في التعايش والقبول بالأمر الواقع، لكن اذا المملكة العربية السعودية ترفض وتخوض حربا مع ايران. شيء طبيعي سيصطف سنة العراق مع السعودية، هذه قضية ليست بيدنا. فهل نقف مع ايران مثلا لكسر السعودية؟ لنكن واقعيين، هذا مستحيل وضد مشاعر الناس رغم كل مشاعر المرارة التي نحملها بسبب تخلي السعودية عن دورها في العراق وتركه لايران. الحرب على السعودية فاشلة، والأفضل للعقلاء في لبنان تدارك الموقف والاعتذار عن التصرفات المتهورة التي صدرت عن السيد حسن، مع تعهد حقيقي صادق بعدم تكرارها.