الرياض - لا أعتقد أن القضايا المتعلقة بالشأن المروري في كافة الجوانب بيننا وبين أشقائنا في دول الخليج متشابهة من حيث الكم والنوع، فالمملكة متميزة من حيث الممارسات السلبية التي تشهدها الطرق والشوارع يوميا، لكن وجود يوم مرور خليجي امر مهم للغاية اذ يتم فيه اطلاق حملات التوعية والتنوير الموحدة بين الشعب الخليجي الواحد وضمن رسالة توعوية موحدة ايضا، وهذا امر جدا مهم لانه يعطينا قراءات ودراسات مقارنة حول ما يتم حولنا وما يحدث لدينا في المملكة، بشكل عام.. نعم فان غالبية سلبيات الملف المروري متشابهة من ابواب عدم الالتزام بالانظمة والتشريعات، لكن سهولة السيطرة عليها وتوقعها ومعالجتها في دول الخليج اكبر بكثير عما هو لدينا نظرا لاتساع الرقعة الجغرافية للمملكة والعدد السكاني الاكبر.
ما قدمته ادارة المرور من تقارير ودراسات تؤكد فعليا على ما وفرته الحكومة من امكانات لها للقيام بدورها وممارسة مهامها، لكن السؤال الذي نطرحه الان هل هذا الملف هو مسؤولية ادارة المرور وحدها؟ هل هي المعنية فقط بمعالجة مراقبة طرقنا ومرورنا بشكل عام؟.
الجواب عن السؤال اعلاه هو: قطعا لا، ادارة المرور ليست الا جهة تنفيذية تطبق الانظمة والتعليمات، وإن كانت تقوم بدور الاعلام التوعوي والارشادي والتثقيفي الا ان هذا الدور فعليا ليس دورها، وقيامها به نتيجة صريحة لغياب دور الجهات الاخرى سواء الرسمية او الخاصة، سلامة الانسان مسؤولية الجميع وليس جهة واحدة دون غيرها، ايصال الرسالة المرورية وجعل القرار الذي يحدد مصير الانسان قرارا سليما رشيدا هو مسؤوليتنا جميعا، واي اخفاق او انحراف فكلنا نتحمل مسؤوليته، لا نريد ان نصل الى مرحلة نقول فيها ان الحل الامثل المتبقي لنا هو تعيين رجل مرور لكل مركبة، لا نريد ان تصل بنا الحال الى إيقاف اية دراسات رقمية عن حوادث المرور والاكتفاء بتعبير وصفي اسمه: الحوادث في تزايد مستمر.
القضية ليست في نطاق الحملات الاعلامية وحدها، وإن كان الفيلم الذي عرضته ادارة مرور الرياض بالمناسبة محزنا مؤثرا يلامس القلوب والعقول، لكن هل نجح او سينجح؟.
قلتها وأعيدها مليون منشور وفيلم لا يعطي النتيجة التي يعطيها قانون واحد صارم يعاقب ويحاسب كل من له علاقة بتدهور الحالة المرورية، ابناؤنا الشباب وعلى ما نشعر معهم بتعاطف كبير بالفراغ الذي يعيشون به وبضيق مساحات الترفيه والتعبير وتفريغ الطاقات، الا ان يكون البديل تهورهم واستهتارهم بأرواحهم وارواح الاخرين مرفوض كليا، الحقيقة المرة ان غالبيتهم العظمى يعلمون ما هي اخطار التسيب المروري لكنهم لا يعلمون ما هي العقوبات، الاهل انفسهم في غياب تام.
على الاهل ان يلمسوا يوميا حجم المأساة التي يصلون اليها حين يهملون، عليهم ان يتعلموا الدرس جيدا ليضبطوا ابناءهم، على الجميع كذلك ايضا، العقوبات يجب ان ترتفع وتصل للمواطن الى غرامات عالية وسجن وفقدان مخصصات التأمين، وعلى المقيمين الغرامات والسجن والترحيل.
القضية مجربة ومثبتة فحين تبدأ بها ويبدأ الجميع بتحمل مسؤولياتهم سنجد ان كل شيء يهون حين تبدأ ارقام الحوادث بالانخفاض، وارقام الضحايا بالانخفاض.