الرياض - بعد ثماني سنوات قضاها السيد باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، بدأ المتابعون يطرحون الأسئلة حول فترة رئاسته، وهل استطاع الوفاء ببرنامجه الانتخابي على الصعيدين الأميركي والدولي، وهل توفرت لديه السمات القيادية أم المهارة الخطابية، والتنظير الأكاديمي؟
أوباما بدأ رئاسته بالنسبة للعالم العربي والاسلامي بخطابه الشهير غير المسبوق في القاهرة. كان خطابا عاطفيا أريد به أن يلامس سيكولوجية المنطقة وظروفها. اتضح فيما بعد أن الإطار العاطفي هو حدود ذلك الخطاب بدليل أن كل المواقف والقرارات الأميركية جاءت مناقضة لذلك الخطاب.
يمكن القول إن فترة أوباما في البيت البيض أوجدت أكبر فجوة في السياسة الأميركية بين ما يقال، وما ينفذ على أرض الواقع. كانت فترة اتسمت بالتردد واتخاذ المواقف الرمادية في الأزمات الصعبة. اتضح ذلك في مواقفها في مصر وليبيا وسورية والعراق ولبنان واليمن.
على المستوى العربي، ليس المطلوب من أوباما أن يكون عربياً أكثر من العرب، ولكنه رئيس دولة عظمى يفترض أن تساهم في نشر السلام، وترجمة القيم التي تؤمن بها الى واقع. الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية هي بمثابة الثوابت في الخطاب الأميركي، لكنها على أرض الواقع تخضع لمعايير المصالح والأهداف السياسية. أوباما رغم تلبسه بالمثالية لم يخرج عن هذا الخط ويكفي موقفه غير العادل من قضية فلسطين، وموقفه الضعيف في مأساة سورية، وتحوله نحو ايران في موقف مناقض لسياسة مكافحة الإرهاب.
ما هي الإنجازات الكبرى التي يمكن أن تكون عنوانا لرئاسة أوباما؟
هل يمكن اعتبار الانسحاب من العراق مثلا أحد هذه الإنجازات؟ ولكن كيف يكون كذلك، وقد تم معالجة كارثة الاحتلال بكارثة انسحاب أدت الى الفوضى وإذكاء الطائفية، والاقتتال وتسليم العراق لمحتل جديد؟
هل أغلق معتقل غوانتانامو كما وعد بذلك؟ لم يفعل حتى الآن! هل حقق أي انجاز في حل قضية فلسطين؟ هل نفذ تهديده المشهور (الخط الأحمر) المتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية في سورية أم اكتفى بزف الهدية لإسرائيل بخبر ارغام سورية على تسليم هذه الأسلحة؟ هل وهل..؟
لقد كان حديث أوباما لمجلة ذي أتلانتيك حديث مجالس يتناقض مع الأصول الدبلوماسية وهو مؤشر على أن سياسته في التعامل مع الأصدقاء والحلفاء كانت ضبابية وينقصها المصداقية. وهو يؤكد مهارته في التنظير وإصدار الآراء المتسرعة، والتعبير عن مواقف فردية وكأنها تمثل تغيرا جوهريا في سياسة أميركا، بينما يمكن تصنيفها بمثابة خطوة دفاعية استباقية عن فترة رئاسية رمادية.