يدفع الأطفال دائما ثمنًا باهظة من براءتهم وحياتهم في خضم الحروب السياسية السائدة في أغلب دول العالم إلا أنّ ظاهرة خطف الأطفال واستخدامهم في الصراعات السياسية أصبحت هاجساً لكثير من الأسر في السودان. وكشفت تقديرات الأمم المتحدة، أنّ 12 ألف طفل استخدموا كجنود في أنحاء جنوب السودان العام الماضي. وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ،الأحد، عن اخْتُطِاف مئات الصبية في جنوب السودان بغية تجنيدهم على يد ميليشيات. واتهمت المنظمة في بيان لها ميليشيا متحالفة مع الحكومة في اختطاف الأطفال ، موضحة أنّ الصبية اختطفوا في منطقة يطلق عليها "واو شيلوك" في ولاية أعالي النيل الغنية بالنفط. وأعرب جوناثان فيتش ممثل يونيسيف في جنوب السودان عن "قلقه من انتقال (الأطفال) من صفوف الدراسة إلى خط المواجهة". وأكد شهود عيان أنهم شاهدوا أطفالا تصل أعمارهم إلى 12 عامًا يحملون السلاح وتجدر الإشارة إلى أنّ " جنوب السودان تشهد حربًا أهلية بين قوات موالية للرئيس سيلفا كير، وقوات المتمردين بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار" وتسبب القتال بين الجماعات الموالية للحكومة والمتمردين في جنوب السودان في تشريد نحو 1.5 مليون شخص، بينما يعاني 2.5 مليون آخرين نقصًا حادًا في الغذاء. واتهمت أجهزة الأمن الإعلام بالتضخيم بينما بدءت منظمات حماية الطفل والأسرة في التحذير من تفاقم الظاهرة. وأكد مدير وحدة حماية الطفل والأسرة العقيد السماني لدويتشه فيله أنّ "جرائم اختطاف الأطفال تنتشر في أطراف الخرطوم، مشيرًا إلى أنّ انتشار الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية السبب الرئيسي في ذلك. وكشف مدير وحدة حماية الطفل والأسرة أنّ الجناة يستدرجون الأطفال بالألعاب أو الحلوى أو المال أو بإتباع أساليب التخويف والضرب . وبدورها لفتت الأمينة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة، قمر هبانى، إلى عدم توفر إحصائيات دقيقة عن وضع الأطفال في السودان، ولاسيما حالات الاختطاف. وتؤكد هبانى لدويتشه فيله أن قانون الطفل لعام 2010 شدد من العقوبات على الجناة، إذ تصل عقوبة السجن إلى 10 سنوات، وفي بعض الأحيان قد تصل إلى الإعدام، حسب الحالة. وأشارت مديرة مركز (سيما) للتدريب وحماية حقوق المرأة والطفل، ناهد جبرالله، إلى الخلط في موضوع اختطاف الأطفال، بين الإشاعات والحقائق، فالمعلومات الرسمية تتداخل مع الإشاعات". وطالبت جبرالله أجهزة الشرطة بالشفافية وإبراز المعلومات للرأي العام لأن الظاهرة أضحت "تقض مضاجع كثير من الأسر". وترجع مديرة مركز (سيما) بروز ظاهرة الاعتداء على الأطفال واختطافهم إلى ظروف البلاد المتمثلة بغياب الاستقرار السياسي والحروب وموجات النزوح فضلًا عن الظروف الاقتصادية. وتربط جبرالله أن ظاهرة اختطاف الأطفال في السودان بجريمة الاتجار بالبشر العالمية واستخدام الأطفال في الدعارة وتجارة الأعضاء. وترى أن هناك ضرورة للتصدي لهذه الجرائم عن طريق رفع الوعي وتطوير قوانين رادعة ومعالجة مسببات الظاهرة من جذورها.