الرياض - على الرغم من كل المؤشرات باقتراب نهاية الحرب في اليمن، إلا أنه لا يبدو أن عبدالملك الحوثي قد تعلّم درسًا من التاريخ ومن تاريخ اليمن تحديدًا، وهو أنه لا أحد يستطيع سرقة وطن إلى الأبد، ولا أحد يستطيع الاستمرار في الكذب إلى ما شاء الله وأن التحالفات تتغير بين ليلة وضحاها، وأن الوطن ليس خيمة يسهل فكّها وتركيبها، بل هو أرض ثابتة بفعل قوانين الطبيعة لا يمكن اقتلاعها. بعد كل هذه الدماء التي تسبب الحوثيون في سفكها، وبعد كل هذا الدمار الذي ألحقوه بهذا البلد، لا تزال قيادتهم تستمع إلى غوايات الشيطان الإيراني لمواصلة حرب التخريب أملاً في الحصول على شروط أفضل للتفاوض أو على طوق نجاة للخلاص.
في الآونة الأخيرة، نشرت تقارير عن محادثات ووساطات لإنهاء هذه الحرب العبثية ووقف حمام الدم في اليمن. وعلى الرغم من حسن النوايا التي أبدتها قيادة المملكة، من موقف قوة، لوقف هذه الحرب، إلا أن أي عاقل أصبح يدرك أن الحوثي لا يملك من أمره شيئًا وأن أصحاب العمائم الذين ورّطوه في هذه الحرب هم الذين يضعون شروط التفاوض التعجيزية أملاً في حصول معجزة على الأرض لتغطية سوءة هذا المغامر الذي كان مخلب قط لتنفيذ المشروع الفارسي الطائفي الفاشل في اليمن.
وقد بات واضحًا أن قيادات الملالي في طهران تريد التحكم بمجرى المفاوضات كما يظهر من الرسائل الإيرانية غير المباشرة من خلال الوسطاء، أو المباشرة من خلال المسؤولين الإيرانيين التي كان آخرها تصريح أحد المسؤولين الأمنيين من الكويت عن استعداد طهران لتحسين العلاقات مع المملكة. منذ بداية حرب الحوثيين على الشرعية في اليمن، كانت الأهداف واضحة وهي مصادرة قرار الشعب اليمني الذي ثار سلميًا ضد حكم الطاغية علي عبدالله "اللاصالح"، وجر البلاد إلى حرب أهلية، تمامًا مثلما فعل بشار الأسد وعصابات طهران وحسن نصر الله في سورية.
ومنذ بداية العبث الإيراني بأمن المنطقة لتحسين موقفهم في الخلاف المفتعل مع الولايات المتحدة حول مسرحية المشروع النووي، قالت المملكة، كما كانت سياستها دائمًا، إنها تحترم اللعبة السياسية إذا ما استمرت ضمن الأطر القانونية المرعية وإذا كانت لخدمة المصلحة الوطنية. كما حذّرت من ارتهان القرار اليمني للخارج تحت ادعاءات وشعارات زائفة.
الآن، من الواضح أن المد الإيراني يتركز في الوقت الحالي على تنفيذ مشروع التقسيم في سورية وخلق جيوب طائفية جديدة على غرار جيب حزب الله في لبنان، وهو المشروع الذي تريد إيران تطبيقه في اليمن بعد فشل أحلام السيطرة على هذا البلد العربي بفعل صمود المقاومة الشعبية اليمنية ومساندة المملكة لها. من الواضح أن عبدالملك الحوثي لا يريد أن يقرأ التاريخ، ولا يريد أن يستفيد من مصائر الذين سبقوه، ومنهم حسين بدر الحوثي، القتيل في عام 2004. كما لا يريد الاعتراف بفشل الشعارات الزائفة التي رفعها ورفعها أسياده في طهران لأنها كانت لإلهاء الشعوب وتخديرها. إنه لا يريد الاعتراف بأن شعارات "الموت لإسرائيل وأميركا" كانت وستظل شعارات كاذبة وأنها لم تعد ترفع في إيران بعد أن انتهت صلاحيتها لكنها ما زالت تكتب على أكعاب البنادق والمدافع الحوثية لتعني الموت والفناء للشعب اليمني.
هذه الأكاذيب أصبحت لا تنطلي على أحد، ولو كنا نؤمن بأن الإيرانيين يريدون حقيقة اقتلاع إسرائيل لحملناهم فوق رؤوسنا، ولكنهم مجرد فزاعات وحماة للكيان الصهيوني، بل ومغذّين له بالقوة البشرية كما اتضح من تهريب الحوثيين لما تبقى من يهود اليمن إلى ذلك الكيان المحتل لأرض فلسطين العربية.
العقلاء ممن تورطوا في الصراع اليمني أدركوا في نهاية الأمر أبعاد هذه المؤامرة الخبيثة ضد وطنهم وسلامة أراضيه وتهديد أمن جيرانه، ومنهم السياسي المعروف ورئيس حزب العدالة والبناء وعضو وفد الانقلابيين في جنيف1 الشيخ محمد علي أبو لحوم الذي وصل إلى الرياض للالتحاق بالشرعية وأعلن تخليه عن صالح والحوثيين.
ومن المعروف أن دور القبطان هو حماية السفينة من الغرق والوصول إلى ساحل الأمان، وهو، كما يقضي القانون وأخلاق الشهامة، آخر من يترك السطح إذا بدأت سفينته في الغرق، لكن هذا الحوثي مصمم على تخريب اليمن مثلما فعلت فأرة سد مأرب. لكنه سوف ينتهي إلى مزبلة التاريخ، وسوف يعود اليمن سعيدًا كما كان.