الحياة - أين كنا وأين أصبحنا؟ قبل ما يزيد على العام كان العرب في حال ذهول مما يحدث. قفز المشهد من تظاهرات «ربيع عربي» في اليمن وتسليم وتسلم سلطة من صالح إلى هادي ومبادرة خليجية لا تشبه إلا هدية ثمينة لمن لا يستحق. تطورت الأحداث إلى احتلال إيراني ممنهج رأس حربته جماعة مسلحة صغيرة طائفية ترفع صور خامنئي والشعارات المزيفة نفسها، الموت لأميركا الموت لإسرائيل. تكمن قوة التقدم السريع لحشد طائفي صغير في الخيانات المرتبة من ضباط في جيش علي عبدالله صالح. تهاوت الألوية العسكرية، تساقطت معسكرات مدججة بالأسلحة والصواريخ، وكان صالح -غير الظاهر في الصورة- ممسكاً بمقود القطار.
مع كل تقدم يسقط ضحايا ويتم استئصال ضباط وطنيين يمنيين، إما بالقتل أو الخطف. حرصت عناصر ميليشيات الحوثي على نشر صور الانتصارات حتى داخل غرف نوم قيادات عسكرية أو سياسية يمنية، في صورة عفنة أبعد ما تكون عن مروءة العربي، تخبر عن الانحدار الأخلاقي لفكر الجماعة، كان الإذلال هدفاً للمتحالفَين الحوثي وصالح. حوصر الرئيس الشرعي في قصره وقتل بعض أقاربه وحراسه، لتبدأ وساطات... في كل مرحلة عسكرية أو سياسية تكون الوساطات فرصاً للتمكين، يدخل على هذا الخط المبعوث الأممي، يتغير الاسم ويبقى على خط السير نفسه.
سقطت صنعاء ليعلَن النصر من طهران. ثم بدأت خطابات التهديد والوعيد، سبابة الحوثي رفعت مع كل ظهور تلفزيوني، أزبدت وأرعدت، وتوعدت وصولاً إلى مكة المكرمة. من إهمال «دماج» إلى الخيانات في «عمران» وصنعاء، كان التعفن السياسي في اليمن سبباً في نجاح الحوثي بتحقيق انتصار صداه تردد في طهران وضاحية بيروت الشهيرة بالميليشيات.
يجب أن نتذكر تلك الأيام، حال الهوان العربي والشعور بالهزيمة مع تصريحات سياسية إيرانية أعلنت بوقاحة سيطرة طهران على عواصم عربية، هوان مع تشظٍّ وحروب وصراعات سياسية داخلية. من رحم هذا الوضع، ذاك الذهول، تولدت قوة. إن من يستعيد الذاكرة لا يمكن إلا أن ينظر بعين الإعجاب إلى ذلك الجهد المتواصل والدؤوب الذي عمل عليه وقاده الملك سلمان بن عبدالعزيز والقيادة السياسية السعودية. زخم سياسي كبير شهدته الرياض وترتيبات مع دول شقيقة وصديقة وحضور في المحافل الدولية نجح في استصدار قرارات دولية مهمة وضرورية لإعادة اليمن إلى شعبه، لتبدأ عاصفة الحزم تفاجئ الجميع لتعيد الأمل.