الرياض - بعد ساعات من إعلان الملك سلمان بن عبدالعزيز تشييد جسر يربط المملكة بمصر وآسيا بأفريقيا، كنا أمام إعلان لا يقل أهمية عن مشروع الجسر البري؛ فهو يوازيه في الأهمية والمضامين، جسر لكن من نوع آخر، تسهم المملكة في بنائه وتشييده من أجل أن تسود ثقافة التسامح وتتعزز أواصر التلاقي، فقد التقى خادم الحرمين الشريفين بشيخ الأزهر أحمد الطيب الذي يمثل رمزية عميقة لدى المسلمين، ثم ببابا الكنيسة المرقسية تواضرس الثاني في بادرة هي الأولى.
تبعث المملكة عبر قيادتها ممثلة بخادم الحرمين برسالة ودعوة صريحتين للتسامح والتعايش ومد الجسور وتفويت الفرصة على مروّجي ثقافة الكراهية والفكر المتطرف وإلغاء الآخر.. لقد جاء لقاء الملك سلمان بالقيادات الدينية في مصر من واقع مسؤولية المملكة، واضطلاعها بمكانة دينية وسياسية وثقافية مهمة وكبيرة في منطقة تشتعل اليوم وتستعر، وأحد مسببات اشتعالها العنف باستغلال الدين، وهو أمر أسهم في تشويه صورة الإسلام والمسلمين على حد سواء، وهم في الحقيقة أكثر من تأذى قولاً وفعلاً من الفكر الإرهابي الذي لا ينتمي ولا يرتبط بدين أو هوية.
اللقاء مع بابا الكنيسة القبطية يعكس سياسة المملكة المبنية على تعاليم الدين الإسلامي الذي يدعو إلى تقبّل الآخر واحترامه، وقد دفعت المملكة باتجاه مأسسة الحوار بين الثقافات والأديان، إيماناً منها بأن التنوّع فرصة لإثراء المجتمعات لا لتفريقها، كما أن المملكة تدرك أن هناك من يعمل من الطرفين على استغلال أنصاف الفرص لإبعاد أبناء الوطن الواحد، وتمزيق النسيج الاجتماعي من خلال تكريس التباين باعتباره مبرراً للافتراق، وهذا يخالف مفهوم الدولة والوطنية والمواطنة.
إن تصريحات إمام الأزهر أحمد الطيب وتواضرس الثاني بابا الكنيسة بعد لقائهما بخادم الحرمين ونقلهما ترحيب وفرحة جميع المصريين بزيارة الملك سلمان لمصر، تعكس الوجه والرأي الحقيقيين، والموقف الإيجابي الذي لا يقبل المواربة عن صورة المملكة التي تدفع باتجاه تبني الفكر الوسطي والابتعاد عن التطرف ونبذه، بعيداً عن ذلك الطرح الذي يروّج في الإعلام الغربي عن الإسلام وعن المملكة بوصفها منبع هذا الدين العظيم الذي جاء رحمة للعالمين.