الحياة - منذ وعيت الدنيا وأنا أسمع عبارة «العلاقة الخاصة» التي يُزعَم أنها تربط بريطانيا والولايات المتحدة. مضى وقت كانت الولايات المتحدة مستعمَرَة بريطانية عندما كانت بريطانيا عظمى. وقد مضت عقود على خسارة بريطانيا صفتها القديمة، وتغيرت الدنيا، فالمستعمَرَة السابقة أصبحت تستعمِر بريطانيا التي كانت عظمى.
الآن يريد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن تبقى بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، زاعماً أن وجودها عضواً قوة لها ولبلاده، وأن انسحابها يعني أن تقف في آخر الصف (الطابور) لعقد اتفاقات تجارية مع الولايات المتحدة.
هذا دخان تعمية والصحيح في رأيي أن الولايات المتحدة تريد لها «حصان طروادة» داخل الاتحاد الأوروبي ولا أحد أفضل للعب هذا الدور من بريطانيا مع «العلاقة الخاصة» التي تجمعها والولايات المتحدة. أوباما ذهب إلى ألمانيا بعد بريطانيا ثم عاد إلى بلاده، ولا يزال دعاة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يهاجمونه ويسلقونه بألسنة حداد.
طبعاً أنا فلاح من العالم الثالث، ولا يحق لي أن أتطاول على قادة الخواجات، إلا أنني فلاح يقيم في الغرب ويقرأ ويتابع، وقد لاحظت أن غزل أوباما ببريطانيا وتحديداً برئيس وزرائها ديفيد كامرون لا يستند إلى تاريخ أو جغرافيا فقد كانت العلاقة بين الرجلين متوترة حتى عقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً في لندن وتبادلا عبارات الغزل وخفتُ أن يقفز أحدهما على الآخر ليتبادلا القبَل أيضاً.
سبق أن قلت إن باراك أوباما يعِد ولا يفي، وإن ديفيد كامرون آخر المحافظين الجدد في الحكم، ولن أنتخب مرشحاً من حزب المحافظين من دائرتي الانتخابية طالما أنه زعيم الحزب. لا أزال أقول هذا الكلام، ولكن ما يشفع لهما عندي أن أوباما أفضل من سلفه جورج بوش الابن، حتى أن المقارنة بينهما عيب، وأن كامرون أفضل من سلفه توني بلير، وأيضاً أجد المقارنة بينهما غير لائقة.
رئيس بلدية لندن بوريس جونسون يطمح إلى رئاسة الوزارة، وهو عضو في البرلمان أيضاً عن حزب المحافظين. وقد استقبل الرئيس الأميركي بمقالة في جريدة «الصن» وهي تابلويد فضائحية شهرتها الصور العارية.
كان بين ما كال من تُهَم إلى الرئيس أوباما أنه أرسل تمثالاً نصفياً لونستون تشرشل من البيت الأبيض إلى السفارة البريطانية بعد فوزه بالرئاسة. الرئيس أوباما ردَّ بأن التمثال قـُدِّمَ إلى بوش الابن لوضعه في البيت الأبيض طوال مدة رئاسته، وبعد أن خرج بوش من البيت الأبيض أعاد أوباما التمثال لأن ملكيته تعود إلى بريطانيا. هو قال أيضاً إن هناك تمثالاً نصفياً لتشرشل في البيت الأبيض، وهو موجود في جناح أسرته، ويراه كل يوم.
هذا حسنٌ، ولكن ما ليس حسناً البتّة أن أوباما أغلق المنافذ على حل في سورية، فهو في مقابلة مع «بي بي سي» رفض إرسال قوات أرضية (أرسل عدداً قليلاً من القوات الخاصة)، وقال إن المفاوضات في جنيف لن تصل إلى نتيجة، وإنه لا يتوقع سقوط «داعش» في الأشهر التسعة الأخيرة له في البيت الأبيض. كلامه هذا يؤكد رأيي فيه أنه جبان رغم حسن نياته