2016-04-28 

تكافؤ النسب .. متى يحين الوداع؟

علي القاسمي

 

الحياة - لست بصدد البحث والاستطراد في قضايا تولد في التوقيت المتأخر والخاطئ، ونحن الذين نقول سراً أن مثل هذه القضايا شارفت على حلها المعلوم عقلاً ومنطقاً منذ زمن بعيد، ولكن إلى أين ستتجه بنا القضايا المقبلة المماثلة إن استيقظت أو أوقظت، تكافؤ النسب قضية عرف وتقليد ولغة عنصرية ليست طارئة على المجتمع، بل كان من الممكن علاجها مبكراً عبر السؤال عن الأب والجد ونبش الجذور وإحضار رمز اجتماعي بارز للشهادة بعمق الجذور وكفاءة النسب. لم تخرج هذه القضايا لقاعات المحاكم، وما تضمه هذه القاعات من جلسات متلاحقة ولم تتصدر أولى القضايا الاجتماعية المختلف عليها، إلا لرغبة فئات حاسدة واستمتاعها بزرع الفتن والمشكلات وجرح الحياة الأسرية الهادئة، بما يعرقل مسيرتها ويعيدها لدائرة الفئة الحاسدة التي تنغلق بخيرها على نفسها ولكنها لا تسلم المجاورين من شرها، ليس لهذه القضية رؤية دينية تحتمل التأويل ولا الاستثناء فهي من الوضوح بما يكفي، ولكنها لعنة العادات والتقاليد وحظوة القبيلة والتمييز في النسب استناداً على قناعات ورؤى لا علاقة فيها لابن الحاضر والمستقبل بصناعها في الماضي، أولئك الذين استندوا على أوضاع معيشية قاهرة حتمت على جزء منهم أن يتنازل من أجل أن يحيا ويعيش، فكان ضريبة هذا التنازل أن يذهب معه بالنَسَب والكفاءة إلى درجة أقل لا تسمح بالتواصل والتساوي، إلا مع من كان بالصدفة وذات الظروف في الدرجة نفسها.

 

مثل هذه القضايا حين ما تكون محور صراع وجدال وإزعاج تشوه وجه المجتمع الناهض المتحمس لطمس كل ملامح التشويه، وتؤثر بالتدريج في عقليات القادمين بل تعيدهم إلى الخلف وتنمي فيهم القبلية والعنصرية والطبقية في التوقيت الذي يقول فيه الطموحون الصادقون: «وداعاً للجاهلية».

 

حان الوقت لجرأة من منبر رسمي نحو إيضاح ما يعلق بهذه القضايا وربطها بالدين من شتى الأوجه وسؤال المجتمع المتمسك بها عن أيهما أقوى: هل هو رأي الدين وخطوطه العريضة المتوازنة؟ أم صوت العرف والعادة والتقليد الذي يتحدث بالنيابة؟ وإلى ما نستند ونعود ونرجع ونصل بزاوية الحل إلى مأمن.

 

أقدر كثيراً أننا مرتبطون أو مربوطون - ولكم حرية الاختيار - بما تم التعارف عليه والسير بطريقه عبر ميزان اجتماعي قاس تلتحفه في أحيان معينة رائحة العنصرية وشيء من عدم المساواة وفقد الرغبة في التحرر من الأفكار البالية والاتجاه لمساواة إنسانية عادلة، أقدر كل هذا ولكن في أسوأ الأحوال لنترك الفتنة نائمة ولا نوقظها، أو لنقول كلمة الحق التي نعرفها مسبقاً قبل أن يقع الفأس في الرأس ونقتل قلوباً صغيرة هي حاصل منتظر من علاقة زوجية شرعية، ولكنها بالوقت ذاته ومع قسوة القلوب ضحايا لتقويم اجتماعي وقرارات فردية غريبة، ليس لها مصدر تشريعي ثابت، الذي نجيد الهرب إليه كل ما ضاق بنا طريق ما، وقبل أن انتظر إجابتكم عن السؤال العنوان، أخاف أن يقودنا الخوف من اللسان الاجتماعي للتسليم بالإجابة الأكثر اقتراباً من الذهنية المتابعة والقارئة للواقع، تلك التي تتسمر بعد علامة الاستفهام مباشرة بما فيها من علامات الضعف والاستسلام «مستحيل».

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه