أثار التوجه السعودي الجديد والقائم على دعم عدد من الدول العربية ماليا واقتصاديا بسخاء كبير مخاوف الولايات المتحدة الامريكية من الاهداف الحقيقة التي ترغب الرياض في تحقيقها من خلال هذه السياسة خاصة في علاقة بارتباط هذه الدعم السعودي بتصعيد وتدعيم آليات ردع التهديدات الايرانية المتنامية في المنطقة.
وكانت المملكة العربية السعودية قد وافقت أوائل نيسان/أبريل،على منح مصر حزمة مساعدات مالية بلغت قيمتها 22 مليار دولار.
لكنّ ما يثير حفيظة وقلق ادارة البيت الابيض هو حدث اخر في ذات السياق وهو إنشاء "مجلس التنسيق السعودي الأردني" في 27 نيسان/أبريل، وهو آلية "ستفتح الطريق أمام ملايين الدولارات" للمملكة التي تعاني من أزمة مالية وفقاً للمسؤولين الأردنيين.
ويثير إنشاء هذا المجلس المشترك بين الرياض وعمان قلق الولايات المتحدة الامريكية من إمكانية أن تكون خطة الدعم السعودي للاردن جزءا من سعي الرياض لاستغلال الرغبة الاردنية في تطوير قدراتها النووية. حيث تدرس عمّان مشروعاً بقيمة 10 مليارات دولار لبناء مفاعلين نووين روسيين بطاقة تبلغ ألفي ميغاواط وبتمويل جزئي من موسكو.
لكنّ الأردن سيضطر إلى اللجوء إلى جهات تمويل أخرى للحفاظ على حصة الرئاسة في المشروع،وثمة احتمال كبير في أن تكون الرياض من ضمن هذه الجهات وفق ما يؤكده ديفيد شينكر مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن في مقال له في موقع المعهد. خصوصا وأن باسم عوض الله المبعوث الخاص للملك الاردني للمملكة العربية السعودية والوزير السابق أكد أن التمويل السعودي للاردن سيكون موجّهاً في جانب منه لاستغلال رواسب الأردن الكبيرة من اليورانيوم الخام - والبالغة 35 ألف طن وفقاً لبعض التقارير - والتي تؤكد عمّان أن لها الحق في تخصيبها.
تخوف أمريكي يقول شينكر بأن منسوبه ارتفع بسبب عدم وضوح أهداف الدعم الذي تستعد المملكة العربية السعودية لتقديمه للاردن رغم أن الوزير الاردني أكد بأن بأنه يأتي في إطار مبادرة «رؤية عام 2030» التي كشفت عنها السعودية مؤخراً والهادفة إلى تقليل درجة اعتماد المملكة على عائدات النفط، سيركّز استثماراته في "منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة". إضافة الى أن حفل التوقيع على اتفاقية التعاون بين البلدين لم يأتِ على ذكر أي أرقام للمبالغ المالية وللدعم السعودي للاردن.
وإن كانت واشنطن تثمن الدعم السعودي للاردن بما أنه سيضمن عبر "المجلس" الذي يرأسه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور مليارات الدولارات السعودية لاستثمارها في "القطاعات الاقتصادية الرائدة" في الأردن، والذي سيوفر فرص عمل اكثر و يفتح أسواق جديدة للاردن خاصة أمام الصعوبات المالية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها عمان بداية من الآثار الناجمة عن الحرب السورية التي تقوّض الاقتصاد الأردني وتعيق السياحة والتجارة وغيرها من القطاعات. أضِفْ إلى ذلك أن المملكة الأردنية تستضيف أيضاً1.4 مليون لاجئ سوري ويصل معدل البطالة الرسمي فيها إلى 12 في المائة، ومعدل البطالة بين الشباب إلى 30 في المائة.
وفي أواخر نيسان/أبريل، فرض تردي الاوضاع الاقتصادية في الاردن على وزير المالية الأردني عمر ملحس إلى خفض معدل النمو المتوقع للسنة المالية 2016/2017 من 3.5 في المائة إلى2.7 في المائة بسبب تدهور الأوضاع. إلا أن ما يثير مخاوف الولايات المتحدة الامريكية أن يكون هدف الرياض هو استغلال برنامج الاردن النووي لورقة ضغط وسلاح ردع امام التهديدات الايرانية المتنامية في المنطقة.