يتزايد تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية في سياسة الدولة والاصلاحات المتبعة خاصة في السنوات الاخيرة مما ولد توجها عاما يذهب إلى أن الحكومة السعودية تعطي أهمية بالغة لتشريك الشباب والتفاعل معه بإيجابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لرسم خطط مستقبلية للمملكة وتعديل إجراءات وحتى لاقالة وزراء يثبت عدم احترامهم للقانون.
وتزايدت رغبة الحكومة السعودية في التواصل أكثر مع جميع أطياف المجتمع وخاصة الشباب وتشريكه في صناعة القرار داخل الدولة منذ سنوات لكسر الصورة النمطية التي تعتمد على مراسيم ملكية وقرارت حكومية يقع إعلانها والشروع في تنفيذها. وإستفادت المملكة والسعودية بذكاء كبير مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية ومع إنخراط الشباب السعودي فيها لمحاولة رصد وقياس التوجه العام للمجتمع السعودي ومعرفة رؤيته المستقبلية للمملكة. توجه يؤكده المحلل والمعلق السعودي محمد اليحيى الذي قال في تعليق عن الموضوع لوكالة رويترز "هذا محور تركيز جديد للحكومة وهي تسعى للتواصل مع الشباب السعودي الذي يرجح أن يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من غيره. وهذه أنجع وسيلة لجذب اهتمامه."
ومثل تفاعل الشباب السعودي خاصة بالاضافة الى كل فئات المجتمع في السعودية مع إعلان رؤية السعودية 2030 محطة فارقة في مجال التفاعل المجتمعي مع القرارات الحكومية والاصلاحات الاقتصادية حيث شارك نحو 190 ألف مستخدم لتويتر في السعودية مشاركة نشطة في النقاش الذي دار حول هذه الرؤية وأطلق ذلك أكثر من 860 ألف رسالة وفقا لما ذكرته شركة سيميوكاست التي ترصد وسائل التواصل الاجتماعي ومقرها في فرنسا.
وقالت سيميوكاست إن ذلك معناه أن النقاش وصل إلى 46 في المئة من 7.4 مليون مستخدم نشط لتويتر في المملكة ووصفت هذا بأنه مستوى استثنائي للمدى الذي يمكن أن يصل إليه نقاش يدور برعاية دولة.
وتركز الحكومة السعودية بصفة أكبر على موقع تويتر لطرح قضايا وقرارات تفاعلية مع فئات المجتمع السعودي بالاستناد الى التقارير التي تؤكد بأن الشباب السعودي هو الاكثر نشاط على هذا الموقع حيث تشير شركة آي مينا ديجيتال التي تعمل في السعودية أن تويتر أكثر شعبية بين المستخدمين في الفئة العمرية من 18 إلى 24 سنة ويحظى بمتابعة لصيقة من جانب المستخدمين في المرحلة العمرية من أواخر العشرينات إلى أوائل الأربعينات وينقسم استخدامه بالتساوي تقريبا بين الرجال والنساء.
كما تحدث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في ندوة عن تويتر امتلأت فيها القاعة بالحضور في أحد الفنادق الفاخرة بالعاصمة الرياض الشهر الماضي فقال إن تويتر ليس مقياسا دقيقا للرأي العام على الدوام لكنه يمكن أن يساعد في تتبع الاتجاهات، مؤكدا للحاضرين الذين كان أغلبهم من الشباب إن تويتر وسيلة مباشرة لا حواجز فيها وفق ما نقلته وكالة رويترز.
وتظهر سطوة وتأثير تويتر وبقية مواقع التواصل الاجتماعي في سياسة الدولة من خلال وقوف تفاعل السعوديين وراء عدد من التحويرات الوزارية فمنذ عام 2012 بلغت العواصف على وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة حول سياسات الحكومة أو أفعال مسؤولين كبار ذروتها بعزل خمسة من ذوي المناصب الرفيعة.
وقال ضياء مرة مدير الحسابات بشركة "ذي أونلاين بروجكت" للإعلام الاجتماعي في الرياض إن مستوى المشاركة معناه أن حتى الوزراء الذين ليس لهم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي يستثمرون الوقت والمال في متابعة ما يقوله الناس عنهم على الإنترنت. وعلى سبيل الذكر لا الحصر أقال الملك عبد الله عام 2012 رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعين بدلا منه رئيسا تقدميا نسبيا وذلك بعد أن انتشر مقطع فيديو يبين مضايقة أعضاء من الهيئة لأسرة في أحد المراكز التجارية، كما أعفي وزير ثان للصحة من منصبه وهو أحمد الخطيب بعد أن ظهر في لقطات مصورة بهاتف نقال وهو يصيح في أحد المواطنين السعوديين خلال نقاش حاد. كما غير الملك سلمان رئيس الديوان الملكي بعد أن ظهر على الكاميرا وهو يصفع مصورا صحفيا كان يغطي وصول العاهل المغربي إلى الرياض.
توجه عام يؤكد ذكاء وحكمة القيادة السعودية في التعامل واستغلال التكنولوجيا لصالح بناء دولة عصرية وقوية ومحافظة في ذات الوقت بما أن ثقافة التعبير العام عن الاحترام للحكومة قائمة ومضمونة بحكم الوعي الكبير للشباب السعودي فقد قالت شركة سيميوكاست إن أكثر من ثلث ردود الفعل للرؤية 2030 على تويتر كان إيجابيا وإن النقاش ولد "شعورا بالفخر" وتوقعات بتحقيق تقدم.