تحاول المملكة العربية السعودية توسيع الحصار المفروض على إيران عبر تحالفات وتحفيزات تجاوزت حدود الشرق الاوسط إلى دول من كامل القارات تقريبا.سياسة تهدف من خلالها الرياض الى كسر شوكة التوسع الايراني في المنطقة خصوصا في ظل تراجع الدور الامريكي كحافظ للامن في الشرق الاوسط وانحيازه لايران وفق ما تصفه المملكة.
ويأتي الرد السعودي بإنشاء تحالفات دولية عابرة للقارات للتصدي للمد الايراني في المنطقة ولعزل طهران سياسيا وديبلوماسيا وحتى عسكريا للتخلي عن نزعتها التوسعية القائمة على تصدير الفوضى لعدد من البلدان العربية والاسلامية على غرار سوريا والعراق واليمن، كما يمكن تفسير هذا التوجه السعودي الجديد على أنه رد على الشعور بخيانة واشنطن للتحالف التاريخي مع الرياض وانحيازها لصالح طهران من خلال توقيع الاتفاق النووي الايراني في مرحلة أولى ثم دعوة البنوك والشركات الامريكية الى الدخول للسوق الايرانية حيث يؤكد ديبلوماسي سعودي لرويترز أن السعوديين فهموا بأن النظام الدولي القديم قد أصبح ميتا وعليهم أن يتولوا المسؤولية . وهي الاستراتيجية التي يحفزها أيضا - على حد قول مصطفى العاني الخبير الأمني العراقي اعتقاد الملك سلمان أن النفوذ الإيراني لم يكبر إلا لأن أحد لم يتصد له وفق ما نقلته وكالة رويترز.
ولمجابهة هذا المد الايراني سارعت السعودية الى انشاء تحالف إسلامي يضم 34 دولة اسلامية. ومثل عدم استدعاء ايران وحليفتها العراق رسالة واضحة بأن هذا التحالف إن لم يكن يهدف لعزل ايران فهو من بين ابرز اهدافه. وتسعى الرياض الى تطوير هذا التحالف من خلال التنسيق المشترك بين أعضائه حيث يؤكد العميد أحمد العسيري بالقوات المسلحة السعودية إن الخطوة التالية هي اجتماع وزراء الدفاع ربما خلال رمضان أيضا إلى جانب الإعداد لمركز التنسيق في الرياض.مضيفا أن هذا المركز سيعمل به موظفون دائمون من كل دولة مشاركة وسيكون بمثابة المحفل الذي تطلب فيه كل دولة إما المساعدة في التعامل مع التطرف أو تقدم من خلاله الدعم العسكري والأمني وخلافه.
تحالف يطرحه حجمه وقوته عدد من التساؤلات خاصة حول تأثيره عن المنطقة والتوازنات الاقليمية وخاصة إمكانية أن يكون الغرض منه رغبة سعودية في حمل لواء القائد الاسلامي ومجابهة الخطر الكبير الذي تمثله ايران في المنطقة حيث يقول العاني "الغرض من هذا التحالف الجديد في الأساس هو حشد التأييد الإسلامي على المستوى العالمي للسعودية كي تقود الحرب على الإرهاب وتأخذ الراية من إيران."
وبالتوازي مع مبادرة التحالف تحاول الرياض الفوز بدعم الهند وتشجيعها على عزل إيران. وقد حققت حتى الآن نتائج متباينة في هذا المجال. فبعد أن زار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي البلدين الشهر الماضي زادت مبيعات الطاقة السعودية للهند لكن نيودلهي وافقت على إنشاء ميناء في إيران. فيما قال محلل سعودي لرويترز أن من بين أهداف استضافة الرياض لقمة دول أمريكا الجنوبية وجامعة الدول العربية في العام الماضي هو صد النفوذ الإيراني.
الاستراتيجية السعودية في بناء تحالفات عابرة للقارات لعزل ايران وصلت القارة الافريقية حيث قطعت عدد من الدول الافريقية علاقاتها الديبلوماسية في أعقاب اقتحام سفارة الرياض في طهران كما زار الرئيس الزامبي الرياض في زيارة رسمبة في أعقاب إدلائه بتصريحات مناهضة لإيران.
وعلى الرغم من تخصيص إيران لأموالا للسعي للفوز بأصدقاء في مختلف أنحاء أفريقيا عبر استثمرها في صناعات محلية وإنفاقها على نشر المذهب الشيعي في الدول الإسلامية الا أن خسائر إيران كبيرة في هذ الخصوص فعلى سبيل المثال بعد أن رست عام 2012 سفينتان حربيتان إيرانيتان في ميناء بور سودان في أعقاب سنوات من العلاقات الوثيقة بين الخرطوم وطهران، قطعت الخرطوم علاقاتها مع طهران بعد ان استثمرت الرياض حوالي 11 مليار دولار في السودان وتجاهلت الأمر الدولي بالقبض على الرئيس عمر البشير فسمحت له بزيارة المملكة. كما سارعت جيبوتي والصومال لفعل الشيء نفسه بقطع علاقاتها مع ايران.
توجه سعودي جديد يؤكد القائمون عليه بأنه نجح في وقف توسع ايران وعزلها حيث أكد ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي إن السياسة التوسعية الإيرانية توقفت تقريبا. لكن كمرافا الأستاذ بجامعة جورج تاون - قطر قال إن من السابق لأوانه إعلان الفائزين " ذلك انه في العلاقات الدولية يمكنك أن تستأجر الأصدقاء لكن لا يمكنك شراؤهم. وبالنسبة للسعودية فإن فعالية هذه السياسة في المدى البعيد مشكوك فيها لأن هذه التحالفات قائمة على علاقات تكتيكية أو تجارية محضة."