مثل مصرع القيادي البارز في حزب الله اللبناني مصطفى بدر الدين، في سوريا في أيار/مايو الماضي ضربة قاسمة للحزب ليس فقط لأنه فقد أحد أبرز قادته الميدانيين بل لان هذه الحادثة أكدت لقادة الحزب بأنهم أصبحوا تحت نيران جبهات مختلفة وان عدوهم في المنطقة ليس بإسرائيل فقط.
وفي هذا الاتجاه يذهب ماثيو ليفيت مدير برنامج ستاين لمكافحة الارهاب والاستخبارات في معهد واشنطن والخبير نداف بولاك اللذان أكدا في مقال مشترك لهما في موقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى بأن مصرع بدر الدين في حد ذاته، ليس السبب الحقيقي لشعور حزب الله بالقلق، بل إن حقيقة عدم كون إسرائيل - العدو اللدود للجماعة - المسؤولة عن مقتله على ما يبدو، هي سبب الشعور بالإحباط. بما ان قائمة أعداء الحزب في سوريا والمنطقة تزايدت بشكل أصبح يشكل خطرا على التنظيم.
فمنذ عام 2012، لقي مقاتلو «حزب الله» مصرعهم في معارك ضد المتمردين السنة في سوريا بأعداد أكبر مما خسر الحزب في جميع معاركه وحروبه مع إسرائيل. والمسألة ليست مجرد أعداد، بل مصرع قادة رئيسيين. فوفقاً لبعض التقارير قُتل عدد قليل من قادة حزب الله على يد إسرائيل، بمن فيهم جهاد مغنية وسمير القنطار بينما قتل أغلب القادة الآخرين على يد عدد من الفصائل المقاتلة في سوريا والتي تهدف معظمها للإطاحة بنظام بشار الأسد حيث قُتل بعضهم على الخطوط الأمامية عندما كانوا يحاربون إلى جانب نظام الأسد. ففي أيار/مايو 2013، قُتل فوزي أيوب، احد قادة الحزب في محافظة درعا جنوب سوريا وفي تشرين الأول/أكتوبر 2015، قتل قائد آخر هو حسن حسين الحاج، وذلك في معارك جرت حول إدلب، وفي صيف عام 2013، قُتل خليل محمد حامد خليل في حمص. وفي شباط/فبراير 2016، قُتل علي فياض في منطقة حلب، بينما لقي قائد الحزب المخضرم خليل علي حسن، مصرعه أيضاً في منطقة حلب في أوائل حزيران/يونيو 2016. وما يضاعف القلق الكبير للحزب هو انه خسر أكثر من 1000 مقاتل في المعارك ضد عدد من الفصائل المسلحة التي تحارب القوات النظامية السورية وليس ضد ما يصفها الحزب بعدوه اللدود إسرائيل.
وما يضاعف الازمة الكبيرة لحزب الله في سوريا وفق الخبيرين ان القوات المسلحة المعارضة لنظام الأسد وكذلك إسرائيل ليست فقط على قائمة أعداء الحزب بما أن سياسة الفوضى التي يسعى التنظيم لبثها في المنطقة جعلته ايضا تحت نار دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية التي صنفته على لائحتها السوداء كتنظيم. كما ان ارتهان الحزب لاجندات ايران في المنطقة جعله ايضا في مواجهة مع الولايات المتحدة الامريكية وفي غضون بضعة أسابيع من إصدار وزارة الخارجية الأمريكية لأحدث طبعة من تقريرها السنوي حول الإرهاب، أكد مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن "التصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار ولدعمها للإرهاب يمثل عنصراً أساسياً في حوارنا الموسع مع دول مجلس التعاون الخليجي في أعقاب قمة قادة هذه الدول في كامب ديفيد في أيار/مايو 2015 .
ويأتي ذلك بعد نشر وزارة الخارجية الأمريكية لتقريرحول الإرهاب عام 2014، أكدت فيه أن إيران وفرت السلاح والتمويل والتدريب لدعم الحملة الوحشية لنظام الأسد التي أسفرت عن مقتل 191,000 شخص على الأقل". وأشار نفس التقرير لعام 2012 أن "رعاية الدولة الإيرانية للإرهاب قد ظهرت من جديد، حيث أن النشاط الإرهابي لكل من إيران وحزب الله قد وصل إلى درجة لم يسبق لها مثيل منذ التسعينيات".
وتبعا لهذه المؤشرات يعتبر الخبيران أن حزب الله وضع نفسه في ورطة كبرى في سوريا التي سيكون خروجه منها مكلفا جدا في العتاد والارواح.