سيكون من المستحيل بمكان قبل 15سنة تخيل وتيرة تطور نسق الحياة في الخليج العربي وخاصة في مدينة دبي الاماراتية التي أضحت خلال سنوات مركزا عالميا للمال والاعمال تنافس بنشاطها وحيويتها أكبر المدن العالمية وتكسر بنسق الحياة فيها الروتين والبطء الذي ميزها منذ سنوات. حقيقة يعايشها رجل الاعمال طارق الاسعد من خلال عمله الذي يقسمه بين مدينتي دبي الاماراتية ولشبونة البرتغالية.
ويقيم طارق الأسعد البالغ من العمر 30 عاماً في مدينة لشبونة الهادئة، التي أسس فيها شركة "تاميا للعقارات. لكنه يسافر، بطبيعة عمله كل أربعة أسابيع، في رحلة تستغرق ثماني ساعات إلى مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة، التي تسير فيها الحياة بوتيرة متسارعة والتي يقضي فيها قرابة أسبوعين متواصلين في كل رحلة، ويلتقي خلالهما بزبائن مهتمين بشراء عقارات في البرتغال. وتهدف شركته إلى مساعدة الأجانب في الانتقال إلى البرتغال عبر برنامج "تأشيرة الدخول الذهبية" للدخول إلى ذلك البلد الأوروبي.
ويؤكد برايان بورزيكوفسكي الصحفي في مقال له نشر في موقع قناة بي بي سي أن الاسعد الاسعد بنمط حياته بين المدينتين ففي حين توفر له مدينة لشبونة الراحة والهدوء فإنه يجد في دبي ظالته من العمل المتقن والسريع الذي يلبي طموحاته المهنية.
وفي مقارنته بين المدينتين يؤكد الاسعد بأنه وجد صعوبة كبيرة في تقبل نسق الحياة الرتيب وعدم الالتزام المهني في لشبونة لكنه تكيف بعد أشهر مع نمط الحياة في لشبونة إذ يصل أكثر العاملين إلى مكاتبهم حوالي الساعة العاشرة صباحاً، ويأخذون راحة لتناول الغداء قد تصل إلى ساعتين وقت الظهيرة، ثم يتركون العمل في الساعة السادسة مساءً وهوما جعل الأسعد يشعر بخيبة أمل لعدم قدرته على العثور على من يرد على الهاتف في فترات ما بعد الظهيرة.
لكن الاسعد يجد في مدينة دبي تقريبا الحيوية والالتزام والنشاط الذي ألفه في لندن والذي فقده في لشبونة حيث يقول رجل الاعمال تشبه وتيرة الحياة في دبي كلاً من لندن أو نيويورك، حيث تجد الناس دوماً في عجلة من أمرهم. في دبي، يصل مكتبه المفتوح في الثامنة والنصف صباحاً، ثم يغادر المكتب لحضور اجتماعات ولقاءات مع الزبائن حتى الساعة الخامسة والنصف مساءً. ويرد الناس بسرعة على الرسائل الالكترونية، ويتناول طعامه في مكتبه، ويمكنه أن يضيف المزيد والمزيد من المهام خلال أيام العمل.
كما يؤكد الاسعد بأن الأديان والآداب الثقافية مختلفة في دبي عما هي عليه في لشبونة، فالأولى مسلمة، والثانية مسيحية، ما يضيف بُعداً آخر يمكن سبر أغواره في المدينتين. كما أن دبي مدينة أكثر تحفّظاً، لا يشرب المسلمون فيها الخمر، ويُحظر إقامة الطقوس في الأماكن العامة، بينما نجد أن لشبونة مدينة متحررة للغاية.
يقول الأسعد: "لم يحصل أبداً، ولن يحصل على الإطلاق، أن أطلب مشروباً كحولياً خلال لقاء أو اجتماع في دبي". وإذا كان الاجتماع في مكتب أو منزل أحد، فإن عدم قبول دعوة لتناول الشاي يعتبر أمراً غير لائق، حسبما يوضح.
ورغم صعوبة التأقلم بين وتيرة الحياة بين المدينتين إلا أن الأسعد يؤكد بأن رحلاته بين المدينتين تمنعه من أن يصبح جامداً أو هامداً بما أنه هناك دوماً آفاق اللقاء بالناس، ورؤية الأمور من منظور مفعم بالنضارة، وذلك ما يؤدي غالباً إلى اكتشاف فرص جديدة وفق تعبيره.