وأنا جالس أنتظر قهوتي في احدى المقاهي المعروفة في إمارة دبي لفت انتباه أذني صوت يقول " صاروخ يا عيال ". هذه العبارة لو سمعها شخص كفيف سيرفع رأسه للسماء متناسياً إعاقته البصرية. هذا هو التصرف الطبيعي الذي سيحدث معه، أو مع أي شخص طبيعي.
قمت بتطبيق هذه النظرية فوراً، رافعاً رأسي جهة السماء حتى أحظى بمشاهدة هذا الصاروخ القادم، رغم زحام ناطحات السحاب المتناثرة على أراضي دبي، حتى سماءها. بعد ثوان معدودة، تمر فتاة أمام طاولات المقهى، بعد أن رصدها رادار ذلك الشاب دون أن يطلق اي مضاد بتجاه الصاروخ الذي كان يمشي من أمامه بثقة وغنج الأنثى الجذاب ..!
بدأت أفكر في عبارة ذلك الشاب وكيف استخدمها في وصف فتاة جميلة بكل قياساته ورؤيته لها وتوظيف " الصاروخ " في اعجابه المفرط فيها؛ ما السر في استخدام مثل تلك العبارات "صاروخ" "قنبله " او " طلقة " وغيرها من عبارات الأسلحة الخفيفة والثقيلة التي تستخدم في وصف اي حالة او موقف من نافذة الإعجاب او باب الارتياح او سقف الأمنيات وشارع الغرام او رصيف التأملات ..!
حتى الاغاني حينما يأتي احدهم ليخبرك بعمل او انتاج غنائي ضخم لاحد الفنانين لابد ان نسمع مثل تلك المفردات البوم قنبلة او ( اغاني راح تفجر الساحة ).
ولا يقتصر الموضوع على الفتاة الجميلة او الاغنية الكلاسيكية الرائعه وصوت مطربها حتى في عالم الكرة نسمع مثل تلك العبارات الرنانه حينما يصف المعلق اعجابه الفارط بهدف ( صاروخ ارض جو ) او ( صاروخ يدك مرمى الخصم ) ..!
حتى إعجابنا تلوث بمثل تلك المصطلحات الفتاكة رومانسيتنا تحولت الى ارهاب تستخدم فيها عبارات الأسلحة المحظورة حتى كلاسكيتنا في الاستماع للموسيقى صارت مرتبطة بمثل تلك المصطلحات الفتاكة تشجيعنا للعبة الحلوة.
أيضاً لا يخلو من هذه المفردات او العبارات الاشمئزازية حتى مناسبات الفرح تطبق فيها هذه العبارات نظرياً في التعبير عن السعادة بهذه المناسبة إطلاق نار من الأسلحة ..!
قبل استخدام الأسلحة النارية كان العرب قديماً يستخدمون السلاح الابيض فتجد في مدحهم سوى كان عبر قصائدهم او في لقاءاتهم تستخدم بعض العبارات مثل ( الأنف سلة سيف ) او (عيونها فيها لمعة خنجر ) او ( وقفتها مثل الرمح ) الموضوع موروث شعبي إذاً منذ القدم ..!
هل مجتمعاتنا تعودت على مثل تلك العبارات جراء الاحداث اليومية ومشاهد العنف والقتل التي تُعرض على وسائل الاعلام اليومية المختلفة؟
أو أنها ثقافة رسخت في ذاكرة الانسان العربي على زمن الأجداد ام سياسة اقتناء و استخدام الأسلحة كرس مثل تلك المفاهيم لديهم .