تبدو الدراما السعودية اليوم أمام مسؤولية تاريخية واستحقاق وطني يتمثل في اهمية تجسيد تضحيات رجال الامن السعودي البواسل ونقل تضحياتهم إلى الشاشة عبر أعمال درامية تخلد تلك التضحيات وتوثق للحظة الراهنة .
فحروب الحد الجنوبي في عصرنا الحاضر ومشاركات الجيش السعودي في سوريا وفلسطين وكذلك حرب الوديعة وحرب الخليج وعاصفة الحزم كلها تشكل تاريخا ممتدآ من البذل والعطاء وتصلح أن تكون اعمالا درامية خالدة.
مايستغرب حقا هو أن الدراما المحلية ناقشت كل ماحولنا وبإسهاب الا انها لم تركز فنيا وبشكل كاف على دراما الحرب وتبدو وكأنها عاجزة عن التوجه نحو هذا الخط الدرامي المهم رغم أنها الأقدر على أن تتحول ناقلا ضخما لكل بطولات رجالات الامن على كل الجبهات سواء في الحروب مع الحوثيين وحرب الخليج والوديعة او في حروبنا مع الارهاب الذي ضرب بلادنا وكذلك الأعمال الإنسانية والبطولية لرجالآت أمننا في خدمة الحجيج .
فجيشنا الباسل ورجال الامن بمختلف القطاعات كانوا ومازالوا على امتداد تاريخ المملكة العربية السعودية نماذج مضيئة تقدم قيم التضحية والفداء وجسد هؤلاء الابطال استبسال الجندي السعودي ومعاني التضحية .
وتأتي ( معركة الحزم واعادة الامل ) التي نعيش احداثها اليوم معينا خصبا يمد الدراما بما يمكن التقاطه من كاميرا الحدث منذ بداية الحرب لتشكل مشاهد حقيقية من مواقع الاشتباك المباشر مع الحوثيين لتكون هذه الأحداث بمثابة وثيقة بصرية حية عن شجاعة المقاتلين وبسالتهم وعن قصص إنسانية ووطنية حقيقية سجلها الجندي السعودي.
ورغم كثافة المادة وتاريخيتها ورغم وجود كم هائل من القصص الواقعية لتضحيات رجال الامن البواسل والشهداءالتي يمكن مقاربتها دراميا الا اننا لانجد فقرا دراميا معيبا.
يبدو تقصيرا مخلا ان لاتجد أعمالا خالدة تقدم بصيغ درامية تقارب نبض تلك التضحيات وتمتد منها لنبض الشارع السعودي أثناء الحروب وخصوصا قصص بطولات وتضحيات أبطال الحد الجنوبي وإنسان الجنوب ممن كان على تماس مع تلك الحرب
لتجسدها لقطات بصرية واحداث مرئية تكشف عن أصالة الجندي السعودي وقدرته على المواجهة.
في ذات السياق فأن تماسك المجتمع السعودي بأكمله أيام الحرب يمثل مادة درامية خصبة تبرز قدرتنا على مقارعة العدو ومجابهته حتى النهاية.
هيئة الإذاعة والتلفزيون ووزارة الثقافة اليوم امام مسؤولية وطنية تحتم عليها العمل على تقديم نتاج درامي بمختلف المسميات ( سهرات - تمثيليات- مسلسلات - افلام - عروض مسرحية ) توثق لتاريخ المرحلة وتعكس من خلالها تماسك المجتمع ووحدته الداخلية بنيانا مرصوصا في وجه كل المغرضين.
وتأتي أهمية الدراما في إعلاء قيمة الشهادة في سبيل الوطن كعرس وطني وطريق أوحد للذود عن حياض الوطن والعمل من خلال الدراما على تأصيل روح التضحية والذود عن الوطن مهما بلغت الأثمان.
ولأننا في زمن الصورة فأن الشاشة بما تعرضه من مواد درامية هي الاقدر على نقل مشاهد حية عن تماسك وتآلف الشعب السعودي على امتداد مدنه وقراه وبلداته في مواجهة كل محاولات الاختراق للنسيج الوطني واللحمة ونقل صور التفافهم منقطع النظير حول قيم وطنية.
وتجسيد عبقرية المواطنين عند الأزمات والملمات العامة تجسيدا دراميا عالي المستوى حيث لهذا التوجه مفعول السحر في شحذ الهمم والقيم النبيلة.
إن انتاج اعمال درامية تكون بمثابة استطلاعات حقيقية من أرض الميدان تبرز قدرة الفنان السعودي والدراما المحلية على محاكاة أيام الحرب وتسجيل مشاهد خالدة يمتزج فيها بين الوثائقي والدرامي ناقلا حقائق المواجهات الدائرة وانتصارات الجندي السعودي وتوثق لتكاتف جنود التحالف العربي على الجبهة أمام الحوثيين .
مازلنا نؤمل في ان تكون كل هذه القصص الخالدة والتضحيات الكبيرة مادة ثرية يتلقفها مخرجو الدراما ليحولوها صياغآت مشهدية أخاذة تسكن ذاكرة الوطن وتثبت من خلالها قدرتها على التماهي مع تضحيات جنودنا فالدراما الحقيقية والفاعلة جزء من آلة الحرب .