الابتزاز هو التهديد بكشف معلومات معينة عن شخص او جهة او حتى دولة كي تستجيب الى بعض المطالب،هذه المعلومات تكون محرجة او ذات طبيعة مدمرة ،وعليه فإن الابتزاز هو عرض طلب بأن يتوقف الشخص او الجهة او الدولة موضع التهديد عن عمل شيء مسموح به عادة ، ويسمى المال المدفوع نتيجة الابتزاز رشوة اسكات .
واكثر ما ينشط في فعل الابتزاز تلك الجماعات والمنظمات الطامعة في قلب الانظمة وتغييرها في الدول التي تستهدفها ، مستغلة الثغرات في النسيج الاجتماعي واللعب على وتر المذهبية السياسية من اجلتأليب الصراع الداخلي بين نظام الحكم والاحزاب السياسية وافراد الشعب .
ولا يهم في مسألة الابتزاز السياسي مساحة الدولة إن كانت مترامية الاطراف او صغيرة، بقدر ما يهم استفادة الجهة التي تمارس الابتزاز من موقعها الجيوسياسي والتربع على المقدرات المالية والبشرية لتلك الدولة .
ولنأخذ مثل على الابتزاز السياسي والتأثير على السياسة ما نفذته جماعة فتح الله غولن المتورطة بمحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي حدثت في شهر يوليو المنصرم ،حيث لجأت الجماعة لاساليبالمساومة والابتزاز بطرق خفية حتى وصل الامر الى نصب الكاميرات لعدد من المسؤولين و تصوير العلاقات المحرمة كي تصبح اداة ضغط تجاه المتورطين بها .
كما اتخذوا الكثير من رجال الاعمال والفنانين كرهائن بيدهم للتأثير على الحكومة بهذه الطريقة .
ولم يكتف مستشار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، النائب بحزب العدالة والتنمية الحاكم السيد ياسين اقطاي بالإفصاح عن ابتزاز جماعة غولن عند هذا الحد ، بل ذهب في تصريحه لإحدى الصحف العربية من ان الجماعة الانقلابية استغلت النشاط الخيري وفتحت المدارس لاستقبال الاطفال من اجل تربيتهم منذ الصغر حتى يكونوا في كبرهم أذرع لها في شتى قطاعات الدولة ،معتبرا ان هذه المدارس ما هي الا مزارع لتربية وتنشئة جيش وله مؤسسات تمويل في ظاهرها تبدو خيرية وفي باطنها غير ذلك .مشيرا الى ان جماعة غولن تعد تنظيم سري وتختلف عن الجماعة الدينية وعن جمعيات المجتمع المدني التي في فلسفتها مفتوحة للجميع وليست حكرا على عناصر معينة والانخراط فيها مفتوح وسهل ، بينما جماعة غولن منغلقة ،فهناك نظام اتصال سري بين الجماعة فقط يتلقون خلاله كل التعليمات والاخبار ، وهذا دليل على ان جماعة غولن تنظيم سري.
ولقد تعرضت دول كثيرة للابتزاز من قبل منظمات حقوق الانسان ، رغم ان هذه الدول لم تغلق ابوابها امام المراقبة، ومستويات التعذيب فيها بالسجون او المقرات الامنية تكاد تكون معدومة ،كما أن دول غربية عديدة تتجلى ازدواجيتها وموقفها من الابتزاز السياسي ،حيث تتعاطف مع جماعات ورموز متورطة بتمويل الارهاب ورعايته ،لكن متى ما يقع الضرر في محيطها تنتفض هذه الدول وتثور لمعاقبة تلك الجماعات وملاحقتها دوليا .
وعن ذلك يقول مستشار الرئيس التركي ان امريكا ردت على طلب تركيا بتسليمها فتح الله كولن من ان عملية تسليمه ستخضع لنظام قضائي ولن تكون مباشرة ،مستغربا تلك الازدواجية بين الاستمساكبزمام القضاء وبين بقاء امريكا على سجن غوانتنامو والضغط الذي مارسته على افغانستان واحتلالها لتسليمها زعيم تنظيم القاعدة!.
إن أهم ضمانة لاستتباب الامن الداخلي بين الانظمة وشعوبها ازاء محاولات الابتزاز السياسي المسلطة من الخارج أن يتغير مفهوم السياسة من السلطة على الشعب والحكم على المواطن الى خدمة الناس ،وبدلا من أن يكون الشعب في خدمة الدولة ينبغي أن يحدث العكس وتخدم الدولة ابناء شعبها لانهم سدها المنيع وحصانتها القوية ،ودونهم لا يستقر حكم ولا يستقيم أمن .
وجدان فهد
@wejdanjassim